في قضية مفتوحة على تطورات مثيرة، مثُل أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بفاس، خمسة موظفين تابعين لمقاطعة المرينيين، من ضمنهم رئيس مصلحة وموظفة، فضلا عن مستشار جماعي، على خلفية الاشتباه ب “تورطهم” في استصدار جوازي سفر لفائدة فتاتين قاصرين من أجل الهجرة إلى تركيا، من دون موافقة والي أمر إحداهما. وقد قررت المحكمة في أعقاب مثول المتهمين أمامها، متابعة الموظفة المتهمة في حالة اعتقال احتياطي، بداعي “مسؤوليتها التقصيرية المباشرة في الملف”، في حين تقرر متابعة باقي المتهمين في حالة سراح مؤقت، مقابل أداء ثلاثة منهم كفالة مالية لكل واحد.
وتفجّر ملف هذه القضية، عقب اختفاء مفاجئ للفتاتين القاصرين عن أسرتيهما قبل عشرة أيام في ظروف غامضة، وهما تلميذتان كانتا مقبلتين على اجتياز امتحانات الباكالوريا خلال الموسم الدراسي الجاري. ما دفع والد إحدى الفتاتين، وهو مستشار جماعي من حزب الاستقلال بمقاطعة المرنيين وعضو بمجلس المدينة، إلى البحث عنها، قبل أن يشعر مصالح الأمن بواقعة اختفاء ابنته. وعلى إثر ذلك باشرت عناصر الشرطة تحرياتها، ليتبين أن القاصرين غادرتا التراب الوطني جوا عبر مطار محمد الخامس بالدار البيضاء باتجاه تركيا.
وقد اضطر المستشار الاستقلالي عقب عمله بسفر ابنته إلى تركيا، إلى التوجه بدوره نحو هذا البلد رفقة مستشار آخر لأجل البحث عنها، حيث أشعر مصالح الأمن التركي ومختلف المصالح ذات الصلة باختفاء ابنته، دون أن يتم الاهتداء إلى مكان تواجدها أو وجهتها خارج البلد.
وبالرجوع إلى ظروف إنجازهما جوازي السفر، اتضح أن إحدى الفتاتين أنجزت جوازها بمساعدة والدتها، بعد أن وضعت الأخيرة ثقتها في رغبة البنت في السفر خارج أرض الوطن رفقة بعض زميلاتها، بينما عمدت ابنة المستشار الجماعي على إنجاز جواز سفرها في ظروف ملتبسة، باستغلال “ثقة” بعض المتهمين بفعل علاقتهم بوالدها، وباستغلال عامل “التقصير” لدى متهمين آخرين، ما سمح لها بالحصول على جواز السفر في ظرف قياسي.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن “يسفر” البحث المتواصل في هذه القضية عن متهمين آخرين محتملين، ربما ساعدوا الفتاتين إداريا وماديا للسفر خارج أرض الوطن. في حين لازال الغموض يلف ظروف سفرهما إلى تركيا، إذ في الوقت الذي يشير فيه بعض الأقارب إلى احتمال أن يكون عامل “التهور” وراء ما حصل، دون أن تُقدّر القاصرتان عواقب ما قد ينجم عن هذا التهور، تتحدث معطيات أخرى مستقاة من التحريات الأولية عن احتمال أن تكون الفتاتان المعنيتان قد تعمدتا السفر إلى تركيا بدوافع دينية متشددة، لذلك يُخشى أن يكون قد جرى “استقطابهما – باستغلال حداثة سنهما – من طرف تنظيم متطرف لأجل الالتحاق بسوريا عن طريق تركيا”.