تتسارع الأحداث في ملف استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو على أراضيها، الاسبوع المنصرم، فبعد الضغط الدبلوماسي الذي مارس المغرب على الجارة الإسبانية وما شكله من إحراج لها أمام المنتظم الدولي، خرجت وزيرة خارجيتها لتبدي استعدادا بلادها للتعاون مع القضاء في هذا الملف.
ولَمّحت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، خلال في مؤتمر صحفي، عقد أمس الثلاثاء 27 أبريل الجاري، إلى أن بلادها يمكن أن تسلم ابراهيم غالي للقضاء، بقولها إنه “تمت مناقشة قضية غالي مع المغرب وشرحت إسبانيا أسباب الامتثال الصارم لالتزاماتنا الإنسانية”، مؤكدة على أن بلادها ستلتزم بالقانون قائلة: “إننا نلتزم بالقانون، بما في ذلك واجب التعاون مع العدالة الإسبانية”.
واكتفت وزيرة خارجية إسبانيا في مالؤتمر الصحفي المذكور، للرد سؤال عن الانزعاج الذي أعربت عنه السلطات المغربية من استقبال غالي بلوغرونيو شمال إسبانيا، (اكتفت) بالتأكيد على “العلاقة الثنائية العميقة جدًا والوثيقة جدًا في عمل الاتحاد الأوروبي لتقوية علاقاتها مع المغرب”، وأن هذه العلاقة “ليست مجرد علاقة مع جار، بل إنها علاقة مع شريك استراتيجي والتعامل معه على هذا النحو”.
خالد الشيات، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، يرى أن إمكانية متابعة غالي في القضاء الإسباني في الحلول الواقعية يتيحها القضاء الإسباني، لأن هذا القضاء لديه آليات ما يسمى اختصاص الجنائي الدولي/الكوني”.
وأوضح الشيات أن”هناك دول تتيح لمواطنيها الذين تضرروا من المس بحقوق الإنسان بأن يتابعوا أشخاصا بعينهم: رؤساء دول أو مسؤولين حكوميين أو جنرالات أو مسؤولين عسكريين في بلديهم، والقانون الجنائي الداخلي يتيح هذه الإمكانية”.
وأكد أستاذ القانون الدولي نفسه، على أن “هذا الاختصاص الجنائي الدولي يمكن أن يتسع من دائرة المواطنين إلى غير المواطنين ذوي الجنسية، وهذا يتغير حسب الأنظمة، إذ هناك بعض الأنظمة الجنائية الداخلية للدولية للقانون الجنائي الدولي نجد أن لقانون جنائي وطني يتيح من خلاله أن يأتي مثلا شخص فلسطيني أو من دولة أخرى ويضع شكاية ضد مسؤول إسرائيلي لدى القضاء الجنائي الإسباني، وفي حالة قدوم هذا المسؤول إلى هذه الدولة يمكن لقضاء هذه الدولة أن يلقي القبض عليه والتحقيق معه”.
ولفت الشيات الانتباه إلى أن هذا” الأمر متاح في القضاء الإسباني، إذ أن القانون الجنائي الإسباني يتيح للأشخاص بأن يرفعوا هذه الدعاوى”، مشيرا إلى أن “هذه الدعاوى موجودة أصلا ضد شخص إبراهيم غالي، وبالتالي على القضاء أن يتحقق من هذه الجرائم بالدلائل التي يمتلكها هؤلاء”.
وعن ظرفية التصريح وإمكانية تحقيقه في هذه الظرفية، ذهب خالد الشيات في حديثه لـ”آشكاين”، بالقول: “إننا انطلقنا من هذه الآلية الديموقراطية في إسبانيا والتي تدعي الديموقراطية أمام العالم، فليس هناك أوقات جيدة وأوقات سيئة، عندما يتعلق الأمر بأخذ حقوق لأشخاص متضررين ليس هناك وقت مناسب وغير مناسب”.
موردا أن “إسبانيا هي التي اختارت الوقت ويجيب أن تتحمل مسؤولية ذلك، فهي التي تفاوضت مع الجزائر في هذا الموضوع، لأنه لا يمكن تصور أن إبراهيم غالي دخل التراب الإسباني دون تصريح مسبق سري مع الحكومة الإسبانية والمسؤولين الإسبان، بما أن إسبانيا هي التي اختارت الوقت كان عليها أن تفترض أنه سكون هناك تبعات”.
وشدد الشيات على أنه “لا يمكن الحديث عن أنسبية الوقت، نحن لا نتحدث هنا عن تقديم غالي للمغرب، فالمغرب لا يعنيه إلا من جوانب أخذ حقوق المواطنين مغاربة ودول أخرى الذين رفعوا هذه الشكاية”.
وخلص محدثنا إلى أنه “إذا كانت الجزائر والبوليساريو يؤمنان بمفهوم القانون وتتابع المغرب بالاتحاد الأوربي باتفاقيات وغيرها، ولديها هذه النزعة القانونية، فالمغرب أيضا لا يطلب أكثر من ذلك، فهو أيضا انطلاقا من نزعة القانونية ثم النزعة الديموقراطية التي تقول إن القضاء في إسبانيا مستقل عن الجهاز التنفيذي، بالتالي فالقضاء لا يعنيه الوقت ومتى سيكون مناسبا أن يتابع شخص متهم بجرائم ضد الإنسانية” مشيرا إلى أن هذا لا يليق بدولة كإسبانيا التي تدعي أن لديها قضاء مستقلا ولديها قوانين متقدمة في ما يتعلق بحماية حقوق الإنسان”.