ربط مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية بالرباط، البروفيسورعز الدين الإبراهيمي، بين الحالة التي وصلت إليها الهند بسبب سماحها لمواطنيها بإقامة شعائر دينية، وبين ما “تجنبه المغرب من كوارث” بسبب منع صلاة التراويح، مشددا على ضرورة جعل ما وقع في الهند عبرة لجميع الدول ومنها المغرب، منبها المغاربة من “الشعور الزائف بالأمان”، والذي قد يؤدي حسبه إلى “الهلاك”.
وتساءل الإبراهيمي عن “ما إذا كان المنتقدون لقرار الحكومة تمديد الإغلاق الليلي في رمضان مازالوا على رأيهم بعد الذي حصل في الهند اليوم؟”، مشيرا إلى أنه “مع رمضان زايد و تزايد الكثيرون علينا بالمثال الهندي، وحريته الدينية رغم الأزمة.
مشيرا إلى أنه “مع قرار الاستمرار في منع التنقل الليلي في رمضان وما يترتب عنه من عدم إقامة سنة صلاة التراويح، خرجت علينا تعاليق مناهضة لهذا القرار مكفرة ومخونة، متحججة بأن القرار يستهدف الإسلام، مبرهنين على ذلك بكون الهند سمحت لملايين الهندوس ليحتشدوا في نهر الغانج ليؤدوا حجهم الموسمي، و “أن الهندوس قدرو يديرو الفرائض ديالهوم، ونتوما حرمتونا نديرو الشعائر ديالنا” “.
وحذر البروفيسور نفسه، المغاربة من “دور السلوكيات الشخصية المبنية على الإحساس الزائف بالأمان في مواجهة الفيروس، وكما قلنا دائما فهذا الشعور والإحساس الزائف بالأمان يؤدي حتما للهلاك”.
مؤكدا على أن “الشّعب الهندي وكغيره من الشعوب نسي الفيروس ودينامية الجائحة، فمع حالة وبائية شبه مستقرة بحلول شهر مارس، بدأ الجميع بالعودة لممارسة حياته الطّبيعية، وحضور الاحتفالات والأعراس، والتردّد على الأماكن والأسواق الشعبية، والعودة إلى العمل، و زادوا على ذلك بتجمعات للملايين لإحياء حجهم السنوي للنهر المقدس و مواسمهم”.
وأوضح مصدرنا بأن “ما يحدث في الهند يحدث بالبرازيل و لا يستثني بلدا إذا وجد الظروف الوبائية السانحة لذلك، يجب اليوم أن نحس بألم ما يمر به إخواننا الهنود، فكلنا بشر في مواجهة “فيروس خبيث و لكن ديموقراطي”، يستهدف الكيان الإنساني في جميع أرجاء الكرة الأرضية بغض النظر عن اللون والدين والعرق”.
ودعا الإبراهيمي إلى “التعاطف مع بعضنا البعض عسى أن يخفف ذلك من وقع المصيبة، مشيرا إلى أنه من “الطبيعي أن نتأثر ونتألم لهذه المشاهد الدامية والمآسي، ونذكر أنفسنا بأن للفيروس له ديناميته الخاصة التي تمكنه من قلب حالة وبائية شبه مستقرة إلى كابوس، وفيلم رعب هندي قد يطول”.
ولفت المصدر نفسه، في مقارنته بين المغرب والهند على أن المثالين متباعدان إلا أن بينهما “تقاطعان مهمان يجب أن نأخذهما بعين الاعتبار، أولهما السلوكيات المتقاربة بين الشعبين، فالهنود، كغالبية المغاربة لا يرتدون الكمّامات، وأغلب حامليها لا يستعملونها بالطريقة الصحيحة”.
“أما التباعد الجسدي فثقافةٌ جديدة علينا” يضيف المصدر نفسه، وغير متعارف عليها، فالعناق والسلام وحرارتهما لا يزالان مقرونان عندنا بقدر و”كمية” المحبة، والأسوأ من ذلك كله هو التهاون بالفيروس والاستهتار و الاستهانة به، وعدم الالتزام بالإجراءات الحكومية لمنع الاختلاط والحجر المنزلي الجزئي كلما دعى الأمر ذلك”.
واستدرك الإبراهيمي، بأن ثاني هذه التقاطعات بين المغرب والهند هو “هشاشة المنظومة الصحية في البلدين، ومن نافذ القول أن البنية التّحتيّة للنّظام الصحي بالمغرب هشةٌ و لعقود من الزمن”.
موردا “لذا وجب أن لا نضغط بسلوكياتنا على نظامنا الصحي حتى نجعله ينهار”، مسترسلا بالقول: “نود لمستشفياتنا الاستمرار في استقبال مرضى الكوفيد و غيرهم من ذوي الأمراض الأخرى، ونرفض أن نضع طّواقمنا الطّبيّة وهي التي تتفانى في تقديم المساعدة ومعالجة كل المرضى، نضعها في موقف لا أخلاقي في انتقاء من يعيش و من يموت، كما يقع في الهند اليوم بسبب عدم توفر قنينة أوكسجين”.
وناشد المتحدث ذاته، في تدوينة دبجها على حائطه الفيسبوكي، بالرفق بالمنظومة الصحية للبلاد قائلا: “الله يرحم الواليدين” رفقا بمنظومتنا، ولنعد إلى سابق عهدنا بالالتزام بالإجراءات الاحترازية”، داعيا الجميع إلى “الانخرط في عملية التلقيح ولاسيما بعد وصول الآلاف من الجرعات هذا الأسبوع”.
وأشار مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية بالرباط نفسه، إلى أن “التلقيح و الإجراءت الصعبة التي اتخذناها مع رمضان، هي التي تمكننا اليوم من هذه الوضعية الوبائية الشبه مستقرة”، مؤكدا على أن “غالبية الدول التي وصلت إلى نسبة كبيرة من تلقيح مواطنيها تتمتع بحالات وبائية متشابهة وتستعد لرفع كثيرا من القيود المفروضة حاليا، وأنه “من حقنا، إن استمر الوضع الحالي، أن نفكر في ذلك لفترة ما بعد العيد إن شاء الله”.
وخلص البروفيسور الإبراهيمي إلى أن “المسؤولية تبقي مشتركة بين الفرد والمجتمع والدولة معا، ولا يمكن التقليل من أهمية أي طرف، وإذا لا قدر الله تراخى طرف أو كل الأطراف، فالفاتورة تستخلص من أرواح أحبة و إخوة لنا، بل أولا و أخيرا تستخلص بروح إنسان بغض النظر عن لونه و دينه وعرقه”.