عبد الله العلوي
كشمير تشتهر بالسجاد خاصة سجادة باشمينا، التي تعرف شهرة واسعة في العالم، وهذا الوادي الفاتن الذي قال فيه أحد أباطرة المغول: “إذا كانت هناك جنة في الأرض فهي كشمير” والتي عرفت صراعات ودماء منذ انفصال الهند وباكستان في 1947، وكلا البلدين يطالب بها، بل وعرفت كشمير حركة مستقلة عن البلدين تطالب باستقلالها. وقد لعب جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند 1947-1964، دورا مهما في وضع الفصل 370 من الدستور الهندي، الذي منح كشمير الهندية وضعا خاصا، هذا الوضع الخاص أو الفصل الذي ألغي من طرف البرلمان الهندي في 2020، بعد صعود حزب “جاناتا” أو الشعب إلى السلطة وفوزه بأغلبية ثلثي الأصوات اللازمة لتعديل الدستور، والذي أي حزب جاناتا يصطبغ بالهندوسية، وعانت كشمير من الحروب التي استعرت بين الهند وباكستان في 1948 و1965 و1971، والمناوشات العسكرية خلال السبعين سنة الماضية. وتسيطر باكستان على 39 % من كشمير الكبرى، والباقي تحت سيطرة الهند، وتبلغ مساحتها الإجمالية 220 ألف كلم مربع.
وتعتبر كشمير الولاية الوحيدة ذات الأغلبية الإسلامية في الهند، مما يجعل أهميتها قصوى بالنسبة للطائفة الإسلامية التي تعد أهم تجمع إسلامي في العالم في دولة واحدة، إذ يبلغ عدد المسلمين في الهند أكثر من 300 مليون نسمة من حوالي مليار نسمة هم عدد مواطنو الهند.
تمتلئ كشمير بالحدائق الغناء، والسواقي وبالمراكب التي تتحول في بحيرة سرنيغار عاصمة الولاية إلى فنادق وسط الأزهار، وزهور اللوتس التي تَيْنَعُ في المياه، وفي الشتاء تتحول البحيرة إلى ماء جامد، وتغشى الجبال الثلوج، ويحمل الناس مجامير صغيرة تحت ثيابهم للتدفئة أثناء عملهم أو تجوالهم خارج المنازل، وفي كل زاوية تعثر على مسجد أو مدرسة أو كتاب قرآني ومئات المتاجر التي تبيع العاديات، والسجاد، واللوحات، والزعفران المنتوج الوطني للولاية، والأثواب القطنية الكشميرية، إلا أن السجاد في ولاية كشمير يثير الانتباه لجماليته الاستثنائية وتطوره مع الأزمنة، ويرتبط السجاد الكشميري بالسجاد الفارسي مع تطور خاص به أدى إلى شهرة وذيوع السجاد الكشميري في العالم، وذلك عبر صناعة أجزاء خشبية متميزة لصناعة هذا السجاد، خاصة سجادة الباشمينا، التي تمتلئ ثناياها بصور منسوجة للزهور والأشجار واسم الرسول عليه الصلاة والسلام بخط عربي رائع، فضلا عن صور أشخاص آخرين أمراء وملوك من الدول العربية، وقد يصل سعر السجادة من هذا النوع ما بين 200 ألف إلى 700 ألف روبية «حوالي 100 روبية = يورو واحد».
ويرث الأبناء عن الآباء عن الأجداد هذه الحرفة منذ قرون، إلا أن الأبناء طوروا هذه الحرفة مع الظروف الاقتصادية العالمية، سواء على مستوى الإبداع أو تلبية الرغبات المعاصرة، مما جعل السجادة الكشميرية تحظى بشعبية هائلة لدى السياح خاصة من الغرب الذين يزورون كشمير الهندية وعاصمتها “سرينغار“، وهذا الأمر لم يقتصر على السجاد، بل أيضا الحرف اليدوية التي صارت تعتمد أكثر على التقنيات مع الحرص والحفاظ على الطابع التقليدي / التاريخي للحرفة والمنتوج، وتساعد بعض الشخصيات الاجتماعية الشباب الحرفي في ترويج الحرفة/المنتوج، وأيضا الإدارة الحكومة، وذلك من أجل تشجيع الشباب على العمل الحرفي/ المستقل بعيدا عن روتينية الوظيفة الحكومية.
ومن الرواد الشباب ذوي الأهمية في كشمير الذين لعبوا دورا هاما في تطوير السجاد: نواز شاه، الذي ورث الحرفة عن والده، وطورها بفضل التقنيات والأفكار الإبداعية الذي يتميز بها، ويعتبر رائدا بين الشباب الكشميري في حرفة السجاد.
*بـــاحــث