جماعة تليت دائرة فم زكيد، بإقليم طاطا…منطقة هادئة قلما عرفت ساكنتها أحداثا مأساوية أو جرائم قتل، هي عبارة عن واحات وأحياء بسيطة يعرف الواحد الآخر ويسهل التعرف على الغريب إذا دخلها، شكلت أول واقعة اختفاء قاصر والعثور عليها بعد أسابيع جثة هامدة صدمة للجميع.
ابتسام، ابنة 13 ربيعا، تدرس بالسنة الأولى إعدادي بثانوية بدر الإعدادية بدوار تاوريرت نتيلاس ، هادئة وبسيطة في تعاملها لا تكاد تغادر بيتها إلا في اتجاه الثانوية أو لزيارة العائلة أو بعض صديقاتها، تقطن مع أسرتها في بيت بسيط بالدوار.
عرفت الفتاة بحيائها وابتسامتها المشرقة بين أسرتها ومعارفها، وبجديتها في قسمها. يوم اختفائها 22 فبراير 2021، صادف انعقاد السوق الأسبوعي، في ذلك اليوم المشؤوم، رافقت ابتسام صديقتها إلى السوق، تجاذبا أطراف الحديث وضحكا، لكن لوهلة توقفت ابتسام متأففة وأخبرت صديقتها أنها نسيت المبلغ المالي الذي سلمته لها أمها لشراء ما تحتاجه، واضطرت للعودة بمفردها عبر طريق “الجنانات”، مطمئنة صديقتها أن دوارها آمن ولا مجال للخوف وقالت : “لا خوف في تمازيرت”. كلمات بقيت ترن في أذن الصديقة التي بكت بحرقة بعد اختفاء صديقتها وظهور جثتها بعد حوالي شهر من اختفائها.
عادت الصديقة ولم تعد ابتسام، وبعد ساعات من الانتظار بالسوق رجعت الصديقة إلى منزل صديقتها لتعاتبها، لكنها فوجئت بوالدة ابتسام تستفسرها عن ابنتها. نظرت الفتاة نظرة دهشة وأخبرت الأم أنها افترقت عن ابتسام قبل الوصول للسوق. نوبة من القلق انتابت الأم وبدأت رحلة البحث في أرجاء الدوار، وامتدت إلى خارجه ليقوم شباب المنطقة بتمشيطها شبرا شبرا لكن دون جدوى.
واقعة تحدث لأول مرة، جعلت الساكنة تخرج للاحتجاج وتطالب بفك لغز الاختطاف، فدوارهم لم يعرف في يوم من الأيام حادثة من هذا القبيل، ولعلم محيط ابتسام بأنها تحمل صفات “الزوهرية”، تفاقم الشك بتعرضها للاختطاف.
أيام من الحزن والقلق عاشها الدوار، كانت الأسرة ترقب في كل يوم ورود أنباء عن العثور على ابنتهم، تغير حال الأم التي لم تتوقف عن البكاء، وتحول بيت الأسرة إلى مزار يؤمه أهل الدوار للوقوف إلى جانب الأسرة في محنتها، كعادة أهل المنطقة، لكن دون جدوى وطال انتظارهم أسابيع، إلى أن وصل الخبر المشؤوم بعد حوالي شهر.
أثناء توجد بعض شباب المنطقة، إلى مكان جبلي، سبق تمشيطه في السابق ولم يكن به أثر لابتسام، أثار انتباه أحدهم وجود شيء بحفرة، وبعد أن نزل لاستكشاف الأمر، فوجئ بالجثة الملقاة هناك وهرع الشباب ليبلغوا السلطات عنها.
التحقيقات والأبحاث أفضت إلى أن الطفلة مصابة بكسور، ورجحت أن تكون قد سقطت في حفرة عميقة مما تسبب في موتها وبقائها على تلك الحالة لأسابيع، وهو ما لم يقنع أسرتها التي ما تزال تطالب بالكشف عن قاتل ابنتها لأن المكان الذي وجدت فيه تم تمشيطه من قبل ولم تكن جثتها هناك، مما يرجح تعرضها للاختطاف من طرف مجهولين قاموا فيما بعد ينقل جثتها إلى مكان العثور عليها. ويظل أمل الأسرة بالاقتصاص لابتسام قائما، التي حملت تفاصيل ما وقع وهوية الفاعل الحقيقي معها.