أن يقود التهور في السياقة على الطريق، وعدم إحترام حق الأسبقية وإن بالمبادرة من قبل السائق في ظل عدم العمل على تكسية الشارع بالحماية التي تؤمن سير الراجلين، أمر مرفوض بكل صيغ التأكيد، بالنظر إلى ما تخلفه الحالتان من ضياع يهم الأرواح البشرية التي تسقط تباعا ضحية هذا التجاوز الذي يطلي حياة الأسر بالأنين الأسود، ويجرعها مذاقات المر، ويطعمها طحين الحنظل، الذي تقاسمته الإثنين الأخير 9 مايو 2016، أسرة التلميذة إيمان حكير التي أفتقدت بشارع الحسن الثاني بأكليم ضواحي بركان، بينما كانت متوجهة إلى فصلها الدراسي الذي لن تعاود تلقيها التعلمي به بعد حادثة السير التي قضت على إثرها.
والطين يزداد بلة بشوارع المدن، وبالطرقات الوطنية، نتيجة التدبير غير العقلي للموارد البشرية والمادية، اللذان يسخران في اقتلاع مظاهر الحياة الحضرية من جذرها، ونتيجة موت الحس السئول في تطوير الحياة على الطرقات من لدن المجالس المنتخبة، والطرح المحتشم لقضايا الطريق من قبل ممثلي السكان بقبة البرلمان بغرفتيه الإستشارية والنيابية، وعدم متابعة وملاحقة الثاني “النواب” للمجالس الجماعية في معرفة الخصاص المرتبط بقطاعات الخدمات العمومية، وتعرفه هذه الجماعات لأجل النهوض بالحياة على الطريق وضمان سلامة استعمالها من طرف الراجل.
إذن، فمسئولية النزيف البشري الذي تعرفه الطرق الوطنية، مشتركة، فإذا كان التجاوز مرفوض، فمن غير المقبول أن يظل سوء التدبير للشأن المحلي مشاركا ومشتركا ومساهما في المأساة الناتجة عن السير والجولان على الطريق، وبكيفية أخص بأماكن استقرار التجمعات السكنية التي من صفاتها اللاصقة “التنقل” بين مصالحها العمومية التي يدخل في إطارها مؤسساتها التربوية التي تبقى مقصد ناشئتها التي من المفترض أن تجد لدى مستعملي وسائل النقل تفهما يبقيها في حماية المبادرة الشخصية للسائقين، والتي من المفترض أيضا من منطلق المسئولية التدبيرية للشأن المحلي أن تجد كبير العناية، وتلقى بالغ الإكتراث والإهتمام بكل ما من شأنه تحقيق تنقلها، وكل ما من شأنه تحصينها من آفة السير على الطريق التي يدمي مشهدها ضحايا حوادث السير.
وحسب المتناقل من عين مكان وقوع الحادثة المميتة ليوم الإثنين 9 مايو 2016، أن شارع الحسن الثاني بأكليم ضواحي مدينة بركان، خاو على عروشه من التشوير الضوئي، وعلامات المرور، والممرات الخاصة بالراجلين، أي أنه خال من سيميائية “لغة” التواصل بين السائقين أنفسهم، والسائقين مع مستعملي الشارع من الراجلين الذين تضطرهم المواعيد إلى البحث عن ممر بالطريق للعبور، خصوصا التلامذة الذين يحثون السير وصولا إلى مقعد الدراسة لتجنب عقوبة الغياب عن الفصل في حصة معينة قد يضيع تحصيلها أمام انتظار خلو الشارع لهنيهة العبور من وسيلة النقل الميكانيكية.
وضع كهذا، لا يمكن بلوغه إلا عند حدوث إدراك أمرين: إدراك السائق لحاجة إعطاء حق الأسبقية للتلامذة، ذلك أن حادثة السير التي أودت بحياة التلميذة إيمان حكير، جاءت بعد أن أدرك سائق شاحنة ضرورة الوقوف لمرور لتلميذتين، حيث جعلهما بهذا السلوك المتحضر في وضعية حق الأسبقية، والذي كان من المفترض أن يمتثل له سائق الشاحنة التي صدمت الهالكة رفقة زميلة لها لا تزال تتلقى العلاج، وقام بتجاوزها بسرعة بحسب الشهادة التي حملتها قصاصة أخبار محلية، والشاحنة ضمن وضعية تجاوز غير مسموح به، ثم إدراك المجلس المسئول عن التدبير الجماعي من خلال مصلحة التشوير التي تتبع له، بأهمية تكسية الشارع وتشويره، ونصب كل العلامات التي تحفظ لهذا التلميذ حياته، ودعم الشارع بالمحدبات التي ترغم على تقليص السرعة وتخفض من مستوى تحرك وسيلة النقل على هذا الشارع، ذلك، أن حياة النشء في نضج ووعي السلوك بالتشوير، الذي يعكس غيابه التدبير المتهور للشأن المحلي، والذي يشي بحقيقة أن النهوض بتطوير البنية الطريقية لا يدخل في مجال اهتمام المسئولين عن تدبير الشأن المحلي، واستخفاف، بله، استهتار بحياة المواطن، من خلال تقديم نموذج أسوء عن حالة الشارع الذي هو الآخر يوجد في حالة “موت”، هو فاقد لشريان الحياة “التشوير” الذي يعني دلالة التواصل بين مكونات عملية السير والجولان.
قضت إيمان حكير، تاركة غصة ألم جارف، وحرقة فراق قحاف، وأنة جهيرة، زهدت مبتدأ مرحلة عمرية طافحة بعطر التطلع نحو بناء الشخصية، مسجورة بلون الطيف الذي أخلف الحادث موعدها معه، تطهرت منه مخافة أن تكون ذالك الإنسان الذي يحقر الحيوات، إتقت برحيلها وتواريها شر هذا الإنسان الذي طفف بتنزيلها إنسانا.
رحلت إيمان حكير بين تهور الطريق، وموت الشارع من سوء التدبير للشأن المحلي الغارق في سيزيفيا عدم النهوض بالمسئولية، ومقال إلى حين…، إيمان حكير ضحية سوء التدبير… !!!