الداخلية تُفعّل خطة “360”: إحالة أزيد من 80 رجل سلطة على التقاعد
في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة، أعلنت وزارة الداخلية عن رفضها القاطع لتمديد فترة خدمة ما يزيد عن 80 من رجال السلطة البارزين، الذين بلغوا السن القانوني للتقاعد. هذا القرار “الصادم” الذي يشمل كتاباً عامين، وباشوات، ورؤساء أقسام الشؤون العامة، وقواداً، يأتي في إطار التحضيرات الجارية للحركة السنوية المرتقبة، والمنضوية تحت لواء خطة “360” الطموحة لإعادة هيكلة وتدبير الموارد البشرية داخل أسلاك السلطة.
وبررت الإدارة المركزية هذا “القرار التاريخي” بالثقة الكبيرة في الكفاءات الشابة المتوفرة ضمن خزانها البشري، والقادرة على سد أي فراغ محتمل قد ينجم عن هذه الإحالات الجماعية. وأكدت الوزارة عزمها على المضي قدماً في نهج عدم التمديد لصغار رجال السلطة، في إشارة واضحة إلى القطع مع الممارسات السابقة التي كانت تستثني كبار المسؤولين من ولاة وعمال، والذين كان يتم التمديد لهم في الغالب نظراً لحساسية المناصب التي يشغلونها.
ورغم هذا التوجه “الحازم”، لم تغلق الوزارة الباب تماماً أمام إمكانية تمديد محدود، حيث رخصت للولاة والعمال بتقديم طلبات استثنائية لفائدة بعض الكفاءات النادرة والأطر المشهود لها بالتجربة والخبرة الطويلة. لكن هذا الاستثناء يبقى مشروطاً بالتقيد الصارم بالمساطر القانونية المعمول بها، وعلى رأسها تقديم الطلبات قبل 15 شهراً من بلوغ المعنيين سن التقاعد.
وتكشف وثيقة صادرة عن مديرية الشؤون الإدارية بالوزارة عن حجم “التغيير” المرتقب، حيث بلغ عدد الموظفين الذين تمت دراسة ملفاتهم في سياق الإحالة على التقاعد ما يقارب 400 موظف وموظفة، وهو رقم يعكس حجم “التحول” الذي تسعى الوزارة إلى تحقيقه في صفوف رجال السلطة.
وفي سياق متصل، تستعد وزارة الداخلية لإجراء تعيينات واسعة النطاق في مناصب عليا، تشمل عدداً من الولايات والعمالات الشاغرة، وعلى رأسها منصب المفتش العام للإدارة الترابية، الذي يعتبر من بين أهم المناصب القيادية في الوزارة. وتواجه الوزارة تحدياً كبيراً في إيجاد الخلف المناسب لهذه المناصب الحساسة، وهو ما يرجح كفة الاعتماد على الكفاءات والخبرات المتراكمة لدى كبار مسؤوليها الحاليين في سد هذا الخصاص.
هذا “الزلزال” الذي يضرب وزارة الداخلية يفتح الباب واسعاً للتساؤلات حول ملامح الخريطة الجديدة لرجال السلطة في المغرب، وتأثير هذه التغييرات الجذرية على طريقة تدبير الشأن المحلي والإقليمي. فهل ستنجح الوزارة في ضخ دماء جديدة بكفاءات قادرة على مواكبة التحديات الراهنة؟ أم أن هذا “التطهير” سيخلف فراغاً يصعب ملؤه في المدى القريب؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات التي تترقبها الأوساط السياسية والإدارية في المملكة ببالغ الاهتمام.