صمت مُريب وتساؤلات مُلحة: هل تتستر وزيرة الرقمنة على إخفاق زوجها في حماية بيانات المغاربة؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في أعقاب سلسلة من الهجمات السيبرانية التي استهدفت مؤسسات حكومية حساسة، من بينها وزارة التشغيل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و لائحة طويلة، يعيش الشارع المغربي على وقع صدمة وتساؤلات مشروعة حول مدى جاهزية المنظومة الرقمية الوطنية وقدرتها على حماية المعطيات الشخصية للمواطنين. وتتصاعد حدة الانتقادات بشكل خاص تجاه وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، التي تقف على رأسها الوزيرة أمل الفلاح السغروشني، وتجاه صمتها المطبق حيال هذه الاختراقات الخطيرة.

الأمر الذي يثير الاستغراب والقلق في آن واحد، هو تزامن هذه الهجمات مع رئاسة زوج الوزيرة، عمر الشغروشني، للجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وهي المؤسسة التي يفترض بها السهر على ضمان أمن وسلامة هذه البيانات. فالاتفاقية التي سبق وأن وقعتها الوزيرة السغروشني مع اللجنة التي يرأسها زوجها، تحت شعارات الشفافية وحماية المعلومات، تبدو اليوم حبراً على ورق أمام هذا التقاعس الواضح في تحمل المسؤولية.

فبينما ينتظر المغاربة توضيحات شافية وإجراءات عاجلة لطمأنتهم على مصير بياناتهم الحساسة، تلتزم الوزيرة الصمت المطبق، وكأن الأمر لا يعنيها أو يقع خارج نطاق مسؤولياتها. هذا الصمت يزيد من حدة التساؤلات حول الدور الحقيقي الذي تقوم به الوزارة في تطوير ومواكبة الأنظمة المعلوماتية للمواقع الحكومية والمؤسسات العمومية، والتي باتت، للأسف، مرتعاً خصباً للقراصنة.

ولم يسلم من الانتقادات أيضاً الإرث الذي خلفته الوزيرة السابقة غيثة مزور، التي رفعت شعارات تطوير الخدمات الرقمية وحماية المعطيات، لكن الوعود بقيت حبيسة اللقاءات والندوات المكلفة، دون أن يلمس المواطن أي تحسن ملموس على أرض الواقع. ويبدو أن الوزيرة الحالية تسير على نفس النهج، متجاهلة حجم التحديات والمخاطر التي تهدد الفضاء الرقمي الوطني.

الأرقام تتحدث بوضوح عن حجم الإمكانيات المالية التي تتوفر عليها الوزارة، سواء على صعيد الاستثمار (أكثر من مليار و758 مليون درهم) أو ميزانية المعدات والتجهيزات (أكثر من مليار و87 مليون درهم)، لكن هذه الميزانيات الضخمة تبدو عاجزة عن توفير الحماية اللازمة للمواقع الإلكترونية الرسمية، التي أصبحت هدفاً سهلاً للقراصنة.

وفي سياق متصل، يبرز اسم عمر السغروشني مجدداً، ليس فقط بصفته رئيساً للجنة حماية المعطيات الشخصية، بل أيضاً بصفته رئيساً للجنة الحق في الحصول على المعلومة. فالعجز الذي يبدو عليه في إصدار تقرير سنوي حول مدى تمكن المغاربة من الوصول إلى المعلومات يثير علامات استفهام أخرى حول مدى فعالية هذه المؤسسات التي يرأسها.

فاللجنة المكلفة بتمكين المغاربة من المعلومة، أو التوسط لدى المؤسسات لتيسير هذا الحق، لم تصدر أي تقرير منذ ست سنوات تقريباً، مما يضعها في خانة المؤسسات “الضعيفة على مستوى التواصل والوضوح والشفافية”، على حد وصف العديد من المراقبين. هذا التأخير يفتح الباب واسعاً للتكهنات حول الأسباب الحقيقية وراءه، وهل يتعلق الأمر بخشية من “إغضاب” الحكومة أو الدخول في صراع معها عند الكشف عن الحقائق؟

إن الهجمات السيبرانية الأخيرة تضع وزارة الانتقال الرقمي والوزيرة أمل الفلاح السغروشني أمام مسؤولية تاريخية. فبدلاً من الصمت والتجاهل، بات من الضروري تقديم توضيحات عاجلة وشفافة للمغاربة حول الإجراءات التي سيتم اتخاذها لحماية بياناتهم ومحاسبة المسؤولين عن هذا التقصير الواضح. كما أن رئاسة زوج الوزيرة للجنة حماية المعطيات تزيد من حجم الضغوط والتساؤلات حول تضارب المصالح المحتمل ومدى قدرته على الاضطلاع بمهامه باستقلالية ونزاهة في ظل هذه الظروف.

فهل ستتحرك الحكومة لفتح تحقيق جدي في هذه الاختراقات ومحاسبة المتورطين؟ وهل ستخرج وزيرة الرقمنة عن صمتها لتقديم أجوبة شافية للمغاربة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات الملحة التي تؤرق بال كل مواطن مغربي يخشى على خصوصية بياناته في ظل هذا الفراغ الرقمي المقلق.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.