لا يشك في أن الحريق الذي تصاعد سحبا دكناء قبل ثلاثة أيام، الأربعاء 9 نونبر الجاري {بدوار جامع الشوك} بمراكش، جراء اشتعال النيران واشتداد لهب أجيجها المضطرم الذي أقوت عناصر مساعدة على زيادة اسوداد شَعلته، وارتفعت بوصف قوته إلى حريق {جسيم} احتطب مشمولات 10 ورشات للميكانيكا تحتفظ أجمعها بمواد سريعة الإشتعال تدخل في المساعدة على تشغيل السيارات وبخاصة زيوت المحركات المدخرة، وبخاصة الزيوت المحروقة التي لا يتم حال استبدالها التخلص منها أو التعامل معها أثناء الإحتفاظ بها وفق شروط السلامة ومعايير المحافظة على البيئة على كونها مادة مستخرجة ومصنع نفطي احتراقه مصدر انبعاثات الغازات الدفيئة، (لا يشك) في ما باتت عمليات استمرار هذه الوحدات المهنية الصغيرة للميكانيكا في العمل تلقيه من مسئولية إعادة الجدولة للتموقعات المكانية التي تتخذها هذه الورشات بالتجمعات المأهولة والمجمعات السكنية بالحواضر كما بالقرى والدواوير، خصوصا وأن هذه المجامع المهنية والحرفية يغلب على نشاطها المادة الكيميائية المصنعة القابلة للإشتعال السريع.
والجلي أن هذه الورشات التي لا تزال منتصبة خصوصا على هوامش العمالة مراكش، في أغلبها بناء قشي مادته الرئيسية العاملة في بناءه القصب المدعوم بالقصدير، وإذ هي متحولة عن الهدف من إحداثها من عشة أو عريشة احتماء من العوامل الطبيعية قي انتظار على الطريق للمركبات المحتاجة إلى تدخل سريع نتيجة عطل طارئ، والذي أبرز أسبابه حدوث تقطيع بالسيارة عند الضغط على دواسة الوقود ولا يمكن تحمله أثناء القيادة حتى أثناء السير المنخفض للسيارة، اهتزاز السيارة أثناء الوقوف، حدوث مشكلة في {الكويلات} أو {البوجيهات}، احتراق الزيت ونضوب الماء بالرادياتور، وهي أعطال تحدث على الطريق وتعالج على الطريق بالتوقف عند إحدى هذه الورشات التي مع التطور العمراني أصبحت بفعل التمدد للمدينة داخل الحزام الحضري للعمالة على غرار ورشات {دوار جامع الشوك} الخاضع للنفوذ الترابي للملحقة الإدارية المسيرة 2 بالمنطقة الحضرية الحي الحسني على الطريق إلى الصويرة، وظلت على هيئتها دون أن يطالها اهتمام اندراجها في المدينة، وما يطلبه هذا الإندراج من تحول عن البناءات العشوائية بالدواوير إلى بناءات ورشات مهنية وفق نظام وتخطيط تحافظ في إطارهما {الهُوية المدينية} لمكان التموقع، بل أن الأنكى من ذلك، أن هناك ورشات مهنية للميكانيكا وأخرى لغسيل السيارات وأخرى لبيع أكسسوارات السيارات وغياراتها قائمة بشوارع المدينة على {البناء المفكك} الذي يستغل مساحات التراجع لإنشاء مثل هذه الورشات المهنية وهذه الأنشطة التجارية في الأجهزة وغسل السيارات، دون استجابة منها لمعايير السلامة المهنية والتجارية في ممارسة هذه الأنشطة.
ثم أن هناك أحياء لم تبرح مجالها مهنة الميكانيكا مذ قامت بعد استحداثها قبل ما يزيد عن 50 سنة، {حي لالة عويش مثلا} الذي تنتشر به هذه الورشات وتصطف رغم زوال عامل بقاؤها {بعدها وابتعادها عن التجمعات السكنية بالمدينة القديمة}، فورشاته تجاور كلا من {حي القصبة} وتدنو من {حي عرصة المعاش} وهي أحياء تجعل منها الكثافة السكانية التي تعرفها غير قابلة فقط إلا للممارسة التجارية والخدماتية وليس الصناعية مثل الميكانيكا، وإذ أن ما يرفع من تهديد وجود هذه الورشات بهذه الأحياء ملاصقتها أو مجاورتها لمواقف السيارات ومحطات طاكسيات بصنفيها الصغير والكبير والمتجهة أيضا رحلاتها نحو القرى، علاوة، على أن ما يزيد من خطر هذا التهديد، أن المجال ما بين حي القصبة وحي عرصة المعاش قد عرف إحداث إنشاءات تربوية وتعليمية مستقطبة لأرقام كبيرة من المتمدرسين يظل وجود هذه الحركة المهنية والتجارية مشوشا على سلامتها.
من هذه الزاوية ترتفع مدى الفعالية الأحياء الصناعية التي تستهدف حماية المدينة من الإشتعالات والحرائق ما دامت نفس هذه المهنة معرضة لنشوء مخاطر بفعل المواد السريعة الإشتعال التي تدخل في نشاطها، فالمدينة قد باتت في حاجة إلى أحياء صناعية حقيقية بالإسم الدال عليها، فالأحياء التي توصف بالمدينة مراكش {صناعية/ سيدي غانم مثلا} ليست غير أحياء {حرفية} باعتبار التصنيف المتقدم في التفرقة بين الحرفي والصناعي، وتلك مسئولية ملقاة على تدبير السياسة العمومية والمجالس المنتخبة بالمدينة، الأخيرة التي يبقى مطلوب منها تحصيل ضمانات التأمين للمجمعات السكنية بأحياء المدينة القديمة وأحياؤها العصرية أثناء عمليات الإنشاء للأحياء الصناعية والحرفية في تصاميم البناء قبل منح تراخيص البناء والإستغلال واستحداث الأنشطة ذات الإرتباط بالحرف والصناعة خصوصا.