انتقدت الجمعية المغربية لحماية المال العام ما أسمته “السعي إلى تجريد وحرمان المجتمع من أية إمكانية أو وسيلة لمكافحة الفساد”، وذلك على خلفية مصادقة مجلس الحكومة يوم أمس الخميس على مشروع قانون المسطرة الجنائية.
ويحصر نص المادة 3 من مشروع القانون المذكور الجهات المخول لها المطالبة بإجراء أبحاث قضائية بخصوص جرائم المال العام، حيث يمنع المجتمع المدني من التقدم بشكايات بهذا الخصوص.
في هذا السياق، أفاد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، بأن نص المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية “لا يهدف فقط إلى منع المجتمع المدني من القيام بدوره في مجال مكافحة الفساد والرشوة، بل يتعدى ذلك إلى تجريد المجتمع أفراد وجماعات من كل الأدوات والإمكانيات القانونية والمسطرية والحقوقية للتصدي للفساد ولصوص المال العام والمطالبة بربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وأكد الغلوسي في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن المادة المذكورة “تكثف وتترجم الإرادة الواضحة للتوجه المستفيد من الإثراء غير المشروع وواقع الريع والفساد واستغلال مواقع المسؤولية العمومية، والهادف إلى إغلاق الحقل الحقوقي والمدني وإفراغه من محتواه لإنهاء أي إزعاج أو تهديد أو تشويش على مصالح شبكات ومافيات الفساد والريع”.
وشدد ذات المتحدث على أن المادة ذاتها “تشكل تقويضا للدستور ولاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، وللقانون رقم 10-37 الخاص بحماية المبلغين عن جرائم الفساد”، فضلا عن كونها “تقيد وتقلص مهام ودور النيابات العامة والشرطة القضائية فيما يتعلق بالتصدي لمخالفات القانون الجنائي كما هو وارد في المسطرة الجنائية المعمول بها حاليا”.
وسجل المحامي ذاته أن “معركة مكافحة الفساد والريع والرشوة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق الحياة العامة لاتنفصل مطلقا عن معركة الديمقراطية”، مشيرا إلى أن “هذه المعركة لا تهم الجمعية لوحدها، بل تهم كل القوى الحية وكل الإرادات الصادقة المؤمنة بمغرب آخر ممكن قائم على التوزيع العادل للثروة وفصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
ونبه الفاعل الحقوقي نفسه إلى أن “سعي اللوبي المستفيد من واقع زواج السلطة بالمال والإثراء غير المشروع إلى التطبيع مع الفساد والريع والرشوة وشرعنة ذلك باستعمال كل الوسائل والآليات بما في ذلك الآليات المؤسساتية (البرلمان)، سيستعمل من أجل الدفاع عن إشاعة الفساد والرشوة والإفلات من العقاب والتضييق على مناهضي وفاضحي الفساد”.
وخلص المتحدث إلى أن هذا الواقع يفرض على “القوى الحية وكافة الديمقراطيين والشرفاء التكتل لصياغة برنامج نضالي لمواجهة التوجه الذي يسعى إلى ضرب المكتسبات الحقوقية والدستورية”، لافتا إلى أن المكتب الوطني للجمعية سيعقد اجتماعا يوم الثلاثاء 3 شتنبر لدراسة حيثيات الموضوع واتخاذ القرارات المناسبة في هذا الجانب.
يذكر أن مجلس الحكومة، صادق، يوم أمس الخميس، على مشروع قانون 03.23 بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وهو المشروع الرامي إلى مراجعة القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، بعد مرور أكثر من عشرين سنة على صدوره، في إطار تحديث المنظومة القانونية الوطنية.