نقاشات كثيرة تدور في المغرب حول التحالفات والسيناريوهات الممكنة، التي بإمكانها أن تمنح لعبد الإله بن كيران وحزبه النصاب القانوني، المحدد بـ 198 مقعدا، حتى يقود حكومة جديدة.
ومما يجدر ذكره أن أي تحالف بين “العدالة والتنمية” الإسلامي و”الأصالة والمعاصرة” الليبيرالي، الذي جاء في المرتبة الثانية في هذه الانتخابات بـ102 مقعدا، غير متاح لرفض الحزبين العمل معا في حكومة مشتركة.
وعليه، فقد بدأ الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، مشاورات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة جديدة، إثر تكليفه من الملك محمد السادس، بحكم تصدر حزبه لنتائج الانتخابات التشريعية بـ 125 مقعدا من أصل 325.
وذكرت مصادر إعلامية مغربية، نقلا عن مصادر في “العدالة والتنمية” أن قيادة الحزب الإسلامي تقوم باتصالات مع أحزاب من “الكتلة”، وهي حزب الاستقلال، وحزب الاتحاد الاشتراكي، وحزب التقدم والاشتراكية، الحليف اليساري، “للعدالة والتنمية” في الحكومة المنتهية ولايتها، مشيرة إلى أن بنكيران سيستغني عن كل من حزب الحركة الشعبية و”التجمع الوطني للأحرار” اليمينيين.
ويرى مراقبون أن طبيعة نتائج الاقتراع ستطرح شكلا آخر في المشاورات الخاصة بتشكيل أغلبية حكومية كما أنها تنفتح على عدة سيناريوهات، خاصة وأن العمل من داخل الحكومة بالنسبة للأحزاب التقليدية أصبح له أهميته في ظل تراجع شعبيتها، وخصوا بالذكر حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وأشار محللون إلى أن بقاء تلك الأحزاب في صف المعارضة سيقضي على ما تبقى لهما من مكانة وتاريخ، فالمقياس في المغرب الحالي هو الإنجازات وليس المواقف السياسية.
وعلى الرغم من هذه السيناريوهات المحتملة، فإن كل التكهنات ممكنة بالنظر إلى طبيعة النظام المغربي، إلا أن تحالف “العدالة والتنمية” مع حزب “الأصالة والمعاصرة” فهو من قبيل المستحيل، استنادا إلى تصريحات صادرة من الجانبين.
السيناريو الأول: بقاء الأغلبية الحكومية
يشير هذا السيناريو إلى بقاء الأغلبية الحكومية المنتهية ولايتها بعد أن حققت مجتمعة 201 مقعدا من إجمالي 395.
ويقودها حزب “العدالة والتنمية” الحاصل على 125 مقعدا، بالإضافة إلى حزب “التجمع الوطني للأحرار” ليبرالي”، 37 مقعدا وحزب “الحركة الشعبية”، ليبرالي وسط، 27 مقعدا بالإضافة إلى حزب “التقدم والاشتراكية” يساري وتحصل على 12 مقعدا.
وهذا السيناريو وارد على اعتبار أن الأغلبية الحكومية حققت نتائج إيجابية، ويمكنها الاستمرار في نفس التحالف، بحسب محللين.
السيناريو الثاني: الأغلبية الحكومية في نسختها الأولى
يشبه السيناريو الأول مع استبدال حزب بآخر، حيث يعود بالائتلاف الحكومي إلى نسخته الأولى التي كانت تضم حزب “الاستقلال” (محافظ) قبل أن يخرج منه وينضم إلى المعارضة، ليدخل بدلا منه حزب “التجمع الوطني للأحرار”.
وفي هذا السيناريو يعود حزب الاستقلال الحاصل على 46 مقعدا إلى الائتلاف الحكومي الجديد ويخرج “التجمع الوطني للأحرار”، وحينها يصبح عدد مقاعد الائتلاف 210، مما يؤهله أيضا تشكيل الحكومية بأريحية.
وهذا السيناريو وارد بالنظر إلى المواقف التي صدرت عن حزب “التجمع الوطني الأحرار” قبيل الانتخابات حيث انتقد بنكيران وحزب “العدالة والتنمية” الذي يقوده.
غير أن “خالد يايموت”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، اعتبر أن هذا التحالف إن تم “يبقى ضيقاً”.
السيناريو الثالث: العدالة والتنمية والكتلة
هذا السيناريو يضم كلا من حزب “العدالة والتنمية” و”الكتلة” التي تضم 3 أحزاب، “الاستقلال” (محافظ) و”التقدم والاشتراكية”، و”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” (يساري معارض).
جدير بالذكر أن الكتلة هي تحالف تم تشكيله في مايو/أيار عام 1993، بين كل من “الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية” و”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، وأحزاب صغيرة أخرى.
وبحسب المحللين، فإن هذا التحالف يفرض نفسه بالنظر إلى التراجع الكبير للأحزاب المشكلة للكتلة، حيث سجلت تراجعا في عدد مقاعدها، سواء المشاركة في الحكومة المنتهية ولايتها، ويتعلق الأمر بـ”حزب التقدم والاشتراكية”، أو الحزبين المعارضين وهما كل من “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” و”الاستقلال”.
وفي صورة تم التوصل إلى اتفاق والتحالف في ما بينها فأن عدد المقاعد تصل إلى 203.
السيناريو الرابع: الأغلبية الحكومية مع أحزاب معارضة
ويضم هذا التحالف كلا من التحالف الحكومي المنتهية ولايته بالإضافة إلى كل من أحزاب “الاستقلال” و”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” و”الاتحاد الدستوري” الذي حصل على 19 مقعدا.
ويستبعد هذا السيناريو، كسابقيه، دخول الحزب المعارض للحكومة المنتهية ولايتها “الأصالة والمعاصرة” (يمين)، للائتلاف الجديد.
وبحسب محللين، يهدف هذا التحالف، الذي إذا تشكل يحصل على 286 مقعدا، إلى عزل حزب “الأصالة والمعاصرة” بسبب اتهام أحزاب معينة بكونه مدعوما من جهات من الدولة.
جدير بالذكر أن حزب “العدالة والتنمية” يعتبر التحالف مع “الأصالة والمعاصرة” خطاً أحمر، والأمر نفسه بالنسبة للأخير، حيث أشار في آخر بيان له أنه لن يتحالف إلا مع من يتقاسم معه نفس المرجعية الفكرية والمشروع الديمقراطي الحداثي، وهو ما يعني أنه لن يتحالف مع العدالة والتنمية، الفائز بالانتخابات.
تجدر الإشارة إلى أن حزبا “العدالة والتنمية” و”الأصالة والمعاصرة” تحصلا لوحدهما على 57.5٪ من المقاعد، وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 43 بالمئة، حيث صوت فيها 6 ملايين و750 ألفا من أصل قرابة 16 مليون مغربي مسجل في اللوائح.
المصدر: وكالات