مراكش تستضيف المنتدى العربي الإفريقي …”اقتصاد مسؤول” محور الشراكة والتعاون جنوب-جنوب
أكد السيد محمد الحبيب بلكوش، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان بالمملكة ، أن احتضان مدينة مراكش للمنتدى العربي الإفريقي حول المقاولة وحقوق الإنسان، تحت شعار “من أجل حوار إقليمي داعم لاقتصاد مسؤول يراعي حقوق الإنسان”، يعكس دينامية إقليمية وإرادة مشتركة لمواصلة التفاعل الحضاري المثمر.
جاء ذلك خلال افتتاحه أشغال المنتدى الذي يستمر يومين، اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025.
وأوضح السيد بلكوش أن هذه التظاهرة تُعزز الحوار بشأن الشراكة والتعاون بين المنطقة العربية وعمقها الإفريقي، وتُشكل إضافة نوعية للمبادرات الإفريقية والعربية. واعتبرها فرصة لتوحيد جهود المنطقتين وانخراطهما الفعال في المبادرات والأجندات الدولية، بما يراعي مصالحهما وخصوصياتهما وأولوياتهما.
كما شدد على أهمية المنتدى في تقوية التعاون جنوب-جنوب خدمة لتحقيق التنمية البشرية وتعزيز مكانة الاقتصاد على الصعيد الدولي.
وفي هذا السياق، استشهد السيد المندوب الوزاري بالرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في ملتقى “تكاملات الاستثمار” بالمملكة المغربية سنة 2005، حيث أبدى جلالة الملك اهتمامه البالغ بـ”تبلور حركة واسعة للاستثمارات والتوظيفات المالية تزاوج بين الأهداف المشروعة للربح وبين اعتماد معايير كونية لا تقل مشروعية عنها تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية والتنمية البشرية والمستدامة”.
وبعد استعراضه لعدد من المبادرات التي تناولت مواضيع ذات الصلة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، توقف السيد بلكوش عند الدور المحوري لحقوق الإنسان في “أنسنة” سياسات الدول وتدخلات مؤسساتها.
وأكد على أهميتها في معالجة ويلات الحروب والصراعات الدولية والتصدي للاختلالات التي تعرفها، مشيرًا إلى ضرورة مراعاة تطور الأنظمة والمجتمعات وتزايد حجم الارتباط بين الدول، ومعالجة القضايا الناشئة التي فرضتها التحولات الحديثة والمستجدات الضاغطة.
ومن أبرز هذه القضايا، أشار بلكوش إلى “قضية المقاولة وحقوق الإنسان” التي باتت تشغل المنظومة الدولية لحقوق الإنسان مع مطلع الألفية الثالثة.
وأوضح أن المقاولة أصبحت مجالًا حيويًا تُمارس فيه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، خاصة ما يتعلق بالالتزامات تجاه العمال في جوانب مثل المساواة، الحق في الإضراب والانتماء النقابي، الشغل والحماية الاجتماعية، وكذلك الالتزامات تجاه الزبائن في الجوانب المتصلة بالجودة والسلامة وباقي الالتزامات التعاقدية.
ولهذه الاعتبارات، أشار السيد المندوب إلى أن الحماية القانونية والقضائية لحقوق الإنسان في سياق النشاط المقاولاتي تستدعي دعمًا بمقاربة للتخطيط الاستراتيجي. واقترح التفكير في وضع خطة عمل وطنية تشجع المقاولات على اعتماد مرجعيات تؤطر السلوك المحترم لحقوق الإنسان، والنهوض بأدوارها المتعلقة بقيم حقوق الإنسان والديمقراطية، وتقييم أثر أنشطتها على حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الرفع من قدرات الفاعلين وتعزيز المعرفة العلمية ذات الصلة.
وفي ختام كلمته، أشاد السيد بلكوش بالمبادرات القيمة المتعلقة بإدراج المقاولة وحقوق الإنسان ضمن أجندات شبكات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والآليات العربية والإفريقية المعنية بحقوق الإنسان. كما نوّه بالممارسات الفضلى على الصعيد الوطني التي ينبغي تشجيعها وتقاسمها مع دول المنطقة، خاصة الأعمال المتصلة بترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في الوسط المقاولاتي، والمبادرات النموذجية لمؤسسات عمومية صناعية وتجارية ومقاولات عمومية مغربية بشأن تكريس المسؤولية الاجتماعية والنهوض بالأبعاد التضامنية وتجسيد مفهوم “المقاولة المواطناتية”.
ووصف السيد بلكوش هذه الممارسات بالجيدة ولها نظائر في عدة دول إفريقية وعربية، داعيًا إلى تشجيعها وتقاسمها والاستفادة منها.
يُذكر أن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان اعتمدت مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان سنة 2011، وانخرطت في إعداد مشروع اتفاقية ملزمة حول المقاولة وحقوق الإنسان ما زالت المفاوضات بشأنها متواصلة، إضافة إلى حرصها على تنظيم منتدى الأمم المتحدة المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان.