احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
في خطوة تحمل دلالات سياسية قوية، انطلقت وزارة الداخلية في جولة جديدة من المشاورات مع الأحزاب السياسية لمراجعة القوانين المنظمة للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في شتنبر 2026. الجولة الحالية تأتي بعد مراجعة دقيقة لمخرجات التجارب السابقة، بهدف ضمان انتخابات شفافة تتجاوز الريع السياسي وتحصّن المؤسسات من أي اختلالات.
الاجتماعات التي يقودها وزير الداخلية، بمشاركة فريق من مديرية الشؤون الانتخابية، لم تعد مجرد تبادل أفكار، بل تحولت إلى ورشة لتقويم العملية الانتخابية من كل جوانبها. فقد شملت اللقاءات أحزاب التحالف الحكومي، المعارضة، وحتى القوى غير الممثلة في البرلمان، في محاولة لصياغة رؤية شاملة تضمن عدالة التمثيل وتوازن القوة بين مختلف الأطراف.
وتشير المصادر إلى أن الوزارة لن تتخلى عن الثوابت، مثل الحفاظ على اللوائح الجهوية المخصصة للنساء، بينما لا توجد نية لإنشاء لوائح خاصة بالكفاءات أو زيادة عدد المقاعد. ومع ذلك، فإن إعادة النظر في التقطيع الانتخابي وتوزيع المقاعد وفقًا لنتائج الإحصاء الوطني الأخير قد تحدث تحولاً مهمًا في التمثيل الجغرافي للساكنة، ما يضع الانتخابات المقبلة تحت اختبار عدالة التمثيل.
جانب آخر يثير الاهتمام هو “تخليق العمل السياسي”، حيث اقترحت الوزارة توقيع ميثاق شرف بين الأحزاب يمنع تزكية المنتخبين المتورطين في قضايا فساد أو اختلاس. المقترح يواجه مقاومة من بعض الأحزاب، التي تعتمد على النفوذ المالي لضمان المقاعد، وهو ما يعكس استمرار الريع السياسي الذي يعوق الإصلاح.
كما كشفت الجولة أن هناك نوابًا ومرشحين يسعون للترشح رغم أحكام قضائية أو ملفات تتعلق بالاختلاس أو تبديد الأموال العامة، ما يعكس تحديًا كبيرًا أمام تطبيق معايير النزاهة والكفاءة.
أما بشأن تمثيل الشباب، فقد شددت الداخلية على عدم إدراج أي لائحة خاصة، معتبرة أن الكوطا المؤقتة لا تعالج جذور المشكلة ولا تضمن مشاركة سياسية حقيقية، مؤكدة أن الحل الحقيقي يكمن في توفير بيئة سياسية عادلة، تُحفز الشباب على الانخراط بشكل طبيعي وفعّال داخل المؤسسات.
الجولة الحالية إذاً ليست مجرد مشاورات شكلية، بل اختبار حقيقي لإرادة جميع الأطراف في مواجهة الريع السياسي، وتعزيز نزاهة الانتخابات، وضمان أن تكون المؤسسات التشريعية قادرة على تمثيل المواطنين بشكل حقيقي، بعيدًا عن أي اختلالات أو تأثيرات مالية ضيقة.