الفرقة الوطنية تباشر تحقيقاتها في وفايات واختلالات مستشفى الحسن الثاني بأكادير
باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاتها في ملف الوفيات والاختلالات الخطيرة التي هزّت مستشفى الحسن الثاني بأكادير، والذي بات يوصف في الأوساط الإعلامية والشعبية بـ “مستشفى الموت”، وذلك استنادًا إلى تقرير أسود أعدته لجنة وزارية عقب سلسلة من الوقفات الاحتجاجية التي نظّمها مئات المواطنين الغاضبين من الوضع الصحي الكارثي.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن التحقيقات الجارية تستهدف تحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من ثبت تورطه في هذه الاختلالات البنيوية والوظيفية، خاصة على مستوى قسم الولادة الذي شهد وفاة ثماني نساء في ظرف شهر واحد فقط، في مؤشر مقلق على عمق الأزمة.
وكان وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، قد زار المركز الاستشفائي الجهوي بأكادير، حيث اعترف أمام وسائل الإعلام بأن الوضع “لا يمكن السكوت عنه أو التغاضي عنه بأي شكل”، معلنًا عن مباشرة إصلاحات عاجلة ومحاسبة صارمة لكل المتورطين.
اللجنة المركزية التي أوفدتها الوزارة رصدت جملة من الاختلالات، أبرزها:
تغيّب أطر طبية وتمريضية دون مبرر.
ضعف حاد في الأدوية والمعدات الأساسية.
تقادم وتوقف متكرر لأجهزة حيوية مثل جهاز السكانير.
وعلى ضوء هذه الخلاصات، أصدر الوزير قرارات فورية شملت إعفاء مدير المستشفى وعدد من المسؤولين على مستوى المندوبية الإقليمية والمديرية الجهوية، مع تعيين فرق جديدة لتدبير شؤون هذه المؤسسة الصحية. كما شدد على أن كل من ستثبت مسؤوليته سيُعرض على لجان تأديبية قبل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقه.
ولم يقف الأمر عند حدود المسؤولية الطبية، بل طال أيضًا شركات المناولة. فقد أقر الوزير برداءة خدمات شركات النظافة والحراسة والاستقبال، ليتم فسخ عقودها فورًا والتعاقد مؤقتًا مع شركات بديلة في انتظار إطلاق طلبات عروض جديدة وفق معايير أكثر صرامة.
وفي ما يخص الوفيات الأخيرة التي أثارت موجة غضب عارمة، عبّر الوزير عن خالص تعازيه لأسر الضحايا، مؤكدا أن المفتشية العامة للوزارة باشرت منذ أيام تحقيقًا دقيقًا في كل حالة وفاة، على أن تُحال الملفات مباشرة إلى النيابة العامة فور اكتمال التحقيقات لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.
هذه التطورات تعكس حجم الأزمة التي يعيشها القطاع الصحي بالجهة، وتضع الحكومة ووزارة الصحة أمام امتحان صعب لاستعادة ثقة المواطنين وضمان الحق في خدمات صحية تحفظ كرامة الإنسان وحياته.