المغرب يحصد الاعترافات والثمار… والجزائر تغرق في صخب الريح
بقلم: أحمد بومهرود – باحث في الإعلام والصناعة الثقافية
في الوقت الذي يمضي فيه المغرب بخطى واثقة نحو توطيد حضوره الاقتصادي والدبلوماسي على الساحة الدولية، تواصل الجزائر وجبهة البوليساريو الدوران في فلك التصريحات الغاضبة والبيانات الجوفاء. فكلما وقّع المغرب اتفاقية جديدة في بروكسيل أو عزّز شراكة في عاصمة كبرى، ترتفع الأصوات ذاتها تندّد وتشجب، لكنها في النهاية لا تجني سوى الريح، فيما يواصل المغرب حصد ثمار عمل دؤوب ورؤية بعيدة المدى.
الاتفاق الفلاحي الأخير بين المغرب والاتحاد الأوروبي ليس مجرد وثيقة اقتصادية، بل خطوة سياسية واستراتيجية ذات أبعاد عميقة. فهو يؤكد، من جديد، أن المنتوجات المغربية القادمة من مختلف ربوع المملكة، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية، تحظى باعتراف أوروبي رسمي ومكانة متقدمة داخل الأسواق العالمية. هذا النجاح لا يعكس فقط قوة الاقتصاد الوطني، بل يترجم ثقة المؤسسات الأوروبية في استقرار المغرب وجديته في بناء شراكات متوازنة ومثمرة.
في المقابل، تعيش الجزائر والكيان الانفصالي حالة من الارتباك المزمن. بيانات غاضبة تُنشر كلما تحرك المغرب خطوة إلى الأمام، ومؤتمرات صحفية تُعقد لتغطية العجز المتزايد عن مجاراة الدينامية المغربية المتصاعدة. وهكذا تحولت الدبلوماسية الجزائرية إلى آلة لإنتاج الخطابات المكررة، بلا تأثير ولا أفق، في حين يتحول المغرب إلى فاعل حقيقي يخلق التغيير على الأرض، ويعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة على أسس التنمية والتعاون.
الصحراء المغربية، التي كانت لعقود محور نزاع مفتعل، أصبحت اليوم رمزًا للنجاح والنهوض الاقتصادي. مشاريع البنيات التحتية الكبرى، الموانئ، الطرق، والاستثمارات الدولية المتزايدة في الداخلة والعيون، حولت المنطقة إلى قطب متوسطي إفريقي نابض بالحياة. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الإفريقية والعربية يرون في الأقاليم الجنوبية نموذجًا للتنمية المتكاملة، فيما تستمر الأصوات المعادية في الغرق داخل بيانات لا تتجاوز صفحات الجرائد.
لقد اختار المغرب منذ سنوات لغة الأفعال بدل الأقوال، فبنى مؤسسات، ووقّع اتفاقيات، وفتح آفاق تعاون جديدة تمتد من أوروبا إلى إفريقيا وأمريكا اللاتينية. أما خصومه، فظلوا أسرى خطاب قديم يستهلك نفسه في غرف مغلقة ومؤتمرات بلا مضمون. الفارق بين الجانبين بات واضحًا: المغرب يزرع الشراكات ويجني النتائج، والجزائر تزرع الصخب وتحصد الرياح.
إنها معادلة بسيطة لكنها حاسمة في عالم السياسة المعاصرة: من يملك رؤية ويشتغل بصمت، يصنع المستقبل؛ ومن يعيش على ردود الفعل، يظل أسير الماضي. المغرب اليوم يكتب فصلاً جديدًا من حضوره الدولي بثقة ورصانة، بينما الآخرون لا يزالون يبحثون عن عناوين ضائعة وسط عاصفة من الريح.