بين صرخات الشارع وألحان المول: الرد الفني على غضب الشباب
في وقت تعلو فيه أصوات الشباب في الشوارع مطالبين بالكرامة، والعدالة الاجتماعية، والحق في الصحة والتعليم، جاء الرد على هذا الغضب الشعبي بأسلوب فني غير تقليدي: حفلات موسيقية في مراكز التسوق، حيث الأضواء الساطعة والموسيقى الصاخبة تغطي على صرخات المحتجين.
المفارقة تكمن في أن الشباب، جيل Z، لم يعد يقتنع بالرموز والشعارات، فهو يعيش تناقضات الحداثة الرقمية والواقع المرير، يعرف العالم من خلال شاشاته، لكنه يجد نفسه مقصيًا من فرصه الأساسية في وطنه. في مواجهة هذا الواقع، يقدم له البعض “المول” بدل المستشفى و“الحفلة” بدل الكرامة الحقيقية.
هذه المبادرات، مهما علت أصواتها أو تزيّنت بالألوان، لا تستطيع أن تخفي مطالب جيل يرى المستقبل أمامه مشوشًا، ويعرف أن الترفيه لا يمكن أن يكون بديلًا عن الحقوق الأساسية. إن الرسالة الضمنية واضحة: التسلية بدل الحوار، والأضواء بدل الحلول الواقعية، لكن الشباب لم يعد يختزل الأمور في عروض مؤقتة، بل بات يميز بين الصخب والواقع، ويصر على مطالبه حتى تتحقق.
في نهاية المطاف، يثبت هذا الجيل أن الحق لا يُستبدل بالبهجة الزائفة، وأن الألحان مهما علت، لا تستطيع أن تصم الأذان عن صرخات الجوع والظلم. فالمستقبل لمن يعمل على الأرض ويصنع التغيير، وليس لمن يكتفي بتغطية الواقع بالألوان والأصوات.