تشغيل الأطفال بالمغرب… أرقام مقلقة وجهود قضائية متواصلة لمحاصرة الظاهرة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

يشكل تشغيل الأطفال إحدى أكثر الظواهر الاجتماعية إثارة للقلق بالمغرب، لما تحمله من انتهاك صريح لحقوق الطفولة وتهديد مباشر لمسار التعليم والنماء السليم، خاصة في الأحياء الشعبية والهامشية والمناطق القروية. ورغم الإطار القانوني الزجري والالتزامات الدولية للمملكة، لا تزال هذه الآفة حاضرة بأشكال متعددة، ما يستدعي تعبئة شاملة لمواجهتها.
وفي هذا السياق، كثفت رئاسة النيابة العامة، بمعية عدد من الفاعلين المؤسساتيين والاجتماعيين، جهودها الرامية إلى محاصرة تشغيل الأطفال والحد من آثاره الاجتماعية والحقوقية، وذلك في إطار تنزيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، وتعزيز انسجامها مع الالتزامات الدولية للمغرب.
وكشف التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة برسم سنة 2024 عن مواصلة تتبع القضايا الزجرية المرتبطة بتشغيل الأطفال، حيث تم تسجيل 18 قضية خلال السنة نفسها، أسفرت عن متابعة 18 شخصا، جميعهم من الذكور، بسبب خرق مقتضيات مدونة الشغل التي تمنع تشغيل الأطفال دون سن 15 سنة.
وأوضح التقرير أن 10 من هذه القضايا همت تشغيل أطفال داخل مقاولات قبل بلوغهم السن القانوني، فيما تعلقت 6 قضايا بتكليف قاصرين بأداء ألعاب خطيرة أو حركات بهلوانية، وهي ممارسات تشكل خطرا مباشرا على سلامتهم الجسدية والنفسية. كما تم تسجيل حالتين لتشغيل أطفال دون التوفر على عقود ولادة أو وثائق تعريف، وهو ما يعمق هشاشتهم القانونية والاجتماعية.
وسجل التقرير غياب أي متابعة في صفوف الإناث، وهو معطى اعتبرته رئاسة النيابة العامة مؤشرا على طبيعة القضايا المعروضة والأنماط السائدة المرتبطة بتشغيل الأطفال، دون أن ينفي ذلك وجود أشكال أخرى من الاستغلال غير المصرح بها أو التي يصعب رصدها.
وأكدت رئاسة النيابة العامة أن هذه التدخلات تندرج ضمن التزام المغرب بأهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف 8.7، الذي يدعو إلى اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على تشغيل الأطفال والعمل الجبري وأشكال الاستغلال الحديثة في أفق سنة 2030.
وشدد التقرير على أن القضاء على هذه الظاهرة لا يمكن أن يتحقق فقط عبر المقاربة الزجرية، بل يقتضي تضافر جهود مختلف المتدخلين، من سلطات قضائية وإدارية، وفاعلين اجتماعيين، ومؤسسات عمومية، إضافة إلى تعزيز آليات الرصد والدعم الاجتماعي، بما يضمن للأطفال حقهم في التعليم والحماية والعيش الكريم.
وفي ختام تقريرها، جددت رئاسة النيابة العامة التزامها بمواصلة تتبع قضايا تشغيل الأطفال بصرامة، وتفعيل المقتضيات القانونية ذات الصلة، مع الحرص على ملاءمة التدخل القضائي مع التزامات المغرب الدولية، في أفق الحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها بشكل تدريجي ومستدام.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.