تناقلت تصريحات حملتها تدوينات التواصل الإجتماعي، كما اطلعت على إحداها جريدة الملاحظ جورنال الإليكترونية، عبارات من دولة الإمارات العربية المتحدة، رذلت الحصن العربي الإسلامي “مراكش”، وتجاوزتها بالإساءة إلى المغرب، الذي ظل قطرا دائب الإنتصار للعروبة والإسلام، مقيما لأمر الله تعالى في إطار مذهبه “المالكي” وإسلامه الوسطي، ومنهجه السني، تصريحات خالفت الوضع القائم في استشراء الفساد الأخلاقي الذي لا يتوقف على بقعة دون أخرى من الأرض، وأسندت إتيان الرذيلة والفحش إلى جزء من تراب المغرب، في جهل تام، وفهم غير ورع لمجرى الوضع الذي يحاول الأدعياء من خلاله إلزاق ممارسة الرذيلة بالمدينة مراكش، التي تظل في غمار ما يحاك ضدها، تلك المدينة “الرباط” في معناه ودلالاته اللغوية والدينية، حاضنة متماهية ومحاكية لأخلاق السلف، معرشة ظل السماحة على امتداد الوطن العربي، زهد وتصوف، فقه وتفقه، حفاظ وتفتح، تلك، مدينة مراكش، التي وصفها التصريح المصور الحانق، لأحد الإعلاميين الإماراتيين المدعو حسين الجسمي، ووصف فيه المدينة، بمدينة “المصائب و السهرات الماجنة والقمار والدعارة”.
وفي فصيح القول العربي “إن كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجر”، وبناءا على منطق التوصيف الذي اتخذته هجمته الميئوسة، يكشف في منطلق ذلك، وضع أنه لم تعد هناك مدينة عربية “بكرا”، حتى في أقاصي مدن الصحراء العربية، وإذ يكفي أمام هذا الوضع غبر المقبول قطعا، الإلتفات إلى دهاليز الأسرار، حيث يوجد هناك ما يجعل التكتم أجدى على ذمة الأغيار، والتستر أوفى على بطانة الدخيلة وطوية السريرة على التشهير والكيل للآخر بما هو جار بالدار، خصوصا، إن كانت العيبة ليست مقترفا محضا وخالصا، صراحا، من إنتاج “الجواني” ويؤجج استعارها “البراني”، ضمن إحداث يتنافى مع قول الشرع “ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء”، الذي يقع في الحالة ليس بالدفع أو التحبيب بتقريب عناصر الفعل من “المكره” (بفتح الراء)، ولكن عبر استغلال الحاجة، وإغراءات ميول النفس الأمارة بالسوء، وفي ما يظهر أن هذا “المكره” (بكسر الراء)، يفتقد الأخلاق، خارج التشبع بنص ما يدعي اعتناقه، هو في الحالة “منافق”، والمنافق “هدام”، والهدم من شيم المبلسين، وتبين آخر معطيات ملف الفساد الأخلاقي بمراكش، أن الفاعل فيه مال خليجيين.
في سياق ذلك، وفي إطار التصريح الذي يحاول اعتباره صادر عن بيئة نقية، عفيفة، طاهر، خلوق، تيب، هناك مدينتان في إطار معركتها مع الحداثة، وإقامة بنياتها المعاصرة، تسيطر البنية الداعرة بهما، دبي وأبوظبي، المدينتان التي تقيمان المشهد الحداثي بهما على العمارة الجنسية التي تقدم في هيأة مشاريع استثمارية، انطلاقا من تجهيزات الإستقبال للوافدين مثلا على مطار “دبي” كما سبق وأعلن عن هذه الوضعية مقال لموقع “هسبريس” في دجنبر من العام 2008، تلقته من الدكتورة (مديحة. نور. المارتقلي) في عنوان (البغاء في دبي مهنة متعددة الجنسيات)، ويتعرض للمنافسة القائمة في شأن إحداث العمارة الداعرة بين دبي وأبو ظبي، وحيث من نقطة المطار تنطلق شبكة التهييء للفعل الداعر، وتأمين المتطلبات الجنسية على حد توصيف نفس مقال “هسبريس”، وتستقطب لسوفها الداعر فتيات من مختلف الجنسيات، ولعل غالبيتهم الآسيويات، وتنتهي من خلاله الدكتورة، إلى أن مسألة البغاء بدبي أصبحت مفتوحة إلى الحد الأبعد.
وفي مقال آخر نشر في عنوان (أبو ظبي تنافس دبي.. في السياحة الجنسية) على موقع “وطن” في العام 2014، أن التنافس لا يقتصر فقط في أبوظبي على الفنادق والملاهي الليلية، فقد سمحت أيضا حكومة ابوظبي، يقول المقال، “بمراكز المساج النسائية التي تمارس الدعارة تحت ستار التدليك الصحي.وتديرها مجموعة من النساء العربيات والآسيويات و التي تحولت فيما بعد إلى بيوت تمارس فيها الدعارة”.
ومع هذه الوضعية لا يمكن أن نسم المدينة بأنها ملاذ داعر، لأن الحقيقة، أن الإمارات محافظة، متجدرة في صميم الأخلاق العربية، هذه هي الحقيقة، وما سواها مجرد ظواهر، ونفس الحقيقة وليس الوضعية، تنسحب على المدينة مراكش، فأخلاقها في مختلف فتراتها تغنيها عن النسب.
والحقيقة التي يفر دارس علم الإجتماع من تعقبها، هي الإبتعاد عن محاولة استقصاء مصدر البلاء الذي أبتليت به مراكش، إذ أن هذه الحقيقة تظهر ديمومة متقطعة، لا تستمر في الحركة الممتدة، المتوالية لارتباطها بنوع من الإستثمار الذي يمكن معرفته “استثمار النزول”، وهو استثمار مرتبط بمالية المقيم، متعلق ببرنامجه السياحي الذي يحضن مجونه، وهذه السياحة تتطلب إنفاقا، لا يتوقف فقط عند ممارسته على المحليات، وإنما إنجازه يستقطب خارجيات، مرافقات من جنسيات أخرى، وإذ أن هناك من القادرين على “استثمار النزول”، من يفر بممارسة الدعارة من وكره بالبلد الأصلي، خوفا من سلطة التقاليد، إلى بلد آخر، والنماذج في ذلك شاهدة، وأهل مكة أدرى بشعابها، يفر مع الباغي للإبتعاد عن الرقابة، لإفراغ المكبوث، وبذلك، لا تحتل المحليات اللواتي يحملن على ممارسة الرذيلة إلا نسبة تعاظمت أو خفت، فهن لا يمثلن الكل، وبذلك، تبقى الجريرة على القادر الذي يكون ويسخر شبكة من قوادة وقحابة، ويعتلي صدرها، وهذا النوع من الدعارة غير محلي، فهو يدخل في طبق تصور وإخراج وإنتاج صاحب “استثمار النزول” الذي غالبيته بفعل الوقائع المسجلة، والموقوفة “خليجيون” شئنا ذلك أم أبينا، وكفى.
وكل نفس بما اكتسبت رهينة.