الكاتب- حمزة الهادي
في الآونة الاخيرة أكدت التوجهات السياسة و الاجتماعية في البلدان المتقدمة و النامية ان الادارة الفعالة هي شرط من الشروط الاساسية لتحقيق التنمية الشاملة، اذ ان نظرة متمعنة في واقع الادارات، تكشف ان نظام الحكامة الفعالة في تحقيق التنمية رهين بالطريقة التي يتفاعل بها الفاعلون مع منظومة التنمية المعقدة، هذا التفاعل الذي هو رهين بطريقة الحوار الاجتماعي الذي يتم نهجه بين هؤلاء الفاعلين، لجعل او تخويل “مجال” الانتقال من حالة تتميز بالتأخر و الانحصار في المساهمة في التطور الاقتصادي و الاجتماعي ، الى حالة تحقيق شروط التنمية المجالية في ابعادها الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، و ذلك عن طريق ادوات قيادية متعددة ، بينها النظام المعلوماتي.
ما هو نظام المعلومات
في التعريف، ان نظام المعلومات هو وسيلة اتصال بين الفاعلين سواء داخل نفس الادارة او بين ادارات مختلفة، و يمثل مجموعة من الموارد المنظمة من اجل جمع و تخزين ومعالجة ونقل المعلومة الى الفاعلين المعنيين من اجل تحقيق حوار فعال بين الفاعلينلتحقيق الحوار الفعال من اجل التنمية المجالية، و التي تبقى رهينة بنوع النظام المعلوماتي المعتمد في تصور العملية التنموية، التي تستدعي في اطار هذا النظام المعلوماتيالاخذ بعين الاعتبار عدة شروط /عناصر من اجل تفعيل هذا النظام المعلوماتي بكيفية جيدة تظهر نفعية التواصل المتوازن بين اطراف العملية التنموية الادارة و الفاعلين من موقع المنتج/ المرسل و المستهدف ” المجتمع” باعتباره متلقيا للعملية التنموية.
إذن نظام المعلومات يشكل لنا مراة لرؤية الواقع الذي نريد العمل من خلاله, فهو يسمح لنا بفهم الواقع بتعقيداته المعقدة وتحليل نوع التفاعلات المتواجدة بين الفاعلين التي يمكن ان تكون قطاعية او اقليمية التي تتفاعل فيما بينها عن طريق الحوار الاجتماعي.
دور نظام المعلومات في التنمية الاقتصادية؟
في اطار يتميز بتغيرات المحيط الاقتصادي و الاجتماعي بشكل دائم و مضطرب، الشيء الذي يجعل من كل الفاعلين يبحثون على سيرورتهم عن طريق تحسين جودة المعلومة من اجل توفيرها لصناع القرار في المؤسسات عند الحاجة بالدقة والكمية و السرعة والشكل المطلوب من اجل اتخاد القرارات في ظل مختلف الظروف.
اذن في ظل العصرنة المعلوماتية اصبح اتخاد القرار لا يقتصر فقط على المعلومة بل على تقنية التحليل و النمذجة و البحث عن الحلول المثلى و هذا ما تقدمه نظم المعلومات وتقنياتها، الشيء الذي سيزيد من قدرة المؤسسات على مواجهة التغيرات سواء كانت داخلية ام خارجية. يقول سون تزو (إن جودة القرار تشبه انقضاضة صقر في التوقيت المناسب، والتي تُمكّنه من ضرب وتدمير ضحيته) مقولة تبين لنا ان القرارات لها تاثير على حياتنا الانية و جودتها تخول لنا الانقضاض على هدفنا.
اذن اذا اردنا ان نشهد مرحلة انتقالية سواء على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي وجب توفير معلومات ذات جودة عالية تخول لصناع القرار اخد قرارات في محلها عن طريق التحليل والبحث عن الحلول.
نظام المعلومات العام بالمغرب؟
اليوم , المغرب يشهد مرحلة انتقالية سواء على المستوى الاقتصادي الاجتماعي لكن يبقى هذا غير كافيا, حيث يجب بذل الجهد من اجل تصحيح الاختلالات و معالجة المعيقات الظرفية و الموضوعية،هته المعيقات التي تشكل مشاكلا اجتماعية و اقتصادية بالمغرب وجب العمل على تجاوزها عن طريق العمل الجماعي و التخطيط و التنسيق بين المؤسسات والفاعلين من اجل ضمان السير السليم لجل الفاعلين ،الشيء الذي سيعزز الطمأنينة داخل المجتمع و بين جل الفاعلين، فمن اجل هذا وجب تحسين جودة نظام المعلومات الذي لا يزال في حالة سيئة ،هناك تأخر ملحوظ في سياسة المعلومة التي ينهجها المغرب حيث يتم معالجة المعلومات بشكل سيء، الشيء الذي يجعل من اصحاب القرار يتخذون قرارات دون الاعتماد على معلومات ذات جودة تخول لهم اتخاذ القرارات الصائبة و هذا ما سيشكل عائقا من معيقات التقدم الاقتصادي و الاجتماعي في المغرب.
حاليا بالمغرب انتاج المعلومة ونوعيتها يشكل مشكلة نوعية حيث نلاحظ ان النظام الاحصائي الحالي ينتج تأطيرا احصائيا للبيانات على المستوى الوطني و الاقليمي فقط حيث لا يتم الأخد بعين الاعتبار البلديات و الاحياء.
في سياق المحصلة الأخيرة، أن النظام المعلوماتي المغربي لا يعير اهتماما للبيانات الثانوية ( مجموعة البيانات التي تنتج عن الانشطة التي تمارسها المؤسسات) بل تعطي اهتماما اكثر للمعلومات الاولية ( بيانات يتم جمعها بالاعتماد على الوحدات الاحصائية ) مع العلم ان كلفة هته الاخيرة باهظة بالمقارنة مع الاولى و هذا يدل على اننا نصرف الكثير من المال دون الحصول على نتيجة،الشئ الذي يستدعي إعادة النظر و تتبع منهجية اخرى تحسن من جودة النظام المعلوماتي المغربي. فاعتمادنا على المعلومات الاولية سيجعل من النظام السالف الذكر يبقى في نفس الحالة لان النظام الاحصائي المغربي لا يعطي معلومات صحيحة بل يعطي إحصاءات تتماشى مع أيدولوجية كل مؤسسة وهذا ما يخلق مشكلا في نوعية المعلومة المتواجدة.
وتبعا لنفس المحصلة، فإن النظام المعلوماتي المغربي يعاني من غياب التجانس بين المؤسسات، وذلك، ناتج عن عدم توفر النظرة المشتركة بين المؤسسات الشيء الذي يخلق نزاعات و يغيب كافة وسائل الحوار الإجتماعي بينها، هذا و يجذر بالذكر انالحوار الإجتماعي لن يتم الا بتحسين جودة نظام المعلومات الذي سيخول لأصحاب القرار اتخاد قرارات صائبة ستلعب دور النظام الذي سيجمع الفاعلين حول رؤية مشتركة تخول للمغرب التحسين من التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و هذا ما جاء به الملك محمد السادس في خطابه للذكرى 19 لعيد العرش حيث قال :
»إن تحقيق المنجزات، وتصحيح الاختلالات، ومعالجة أي مشكل اقتصادي أو اجتماعي، يقتضي العمل الجماعي، والتخطيط والتنسيق، بين مختلف المؤسسات والفاعلين، وخاصة بين أعضاء الحكومة، والأحزاب المكونة لها.كما ينبغي الترفع عن الخلافات الظرفية، والعمل على تحسين أداء الإدارة، وضمان السير السليم للمؤسسات، بما يعزز الثقة والطمأنينة داخل المجتمع، وبين كل مكوناته «
العمل الجماعي يقتضي تحسين جودة نظام المعلومات من اجل خلق فضاء يتميز بالتآزر بين كل الفاعلين داخل مجال معين، تآزر يشجع العمل الجماعي بين كل الفاعلين من اجل تحقيق التطور الاجتماعي و الاقتصادي.
لكي يتم تحسين جودة نظام المعلومات يجب اولا معرفة و تحليل مكونات المكان، أي معرفة الأشخاص ،السكان، الوحدات الاقتصادية عن طريق ملاحظة كل وحدة احصائية على حدة و تحليلها من اجل معرفة قوة المكان و نقط الضعف و العمل على تحسينها من اجل السير نحو مغرب متقدم اقتصاديا و اجتماعيا.
سون تزو« اعرف نفسك واعرف عدوك تحقق ألف نصر في ألف معركة »
حاصل على الإجازة في الاقتصاد و التسيير بجامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال و طالب بالسنة الثانية من سلك الماستر بجامعة القاضي عياض شعبة الاقتصاد الاجتماعي و التنمية المستدامة.