تلقى البريد الإليكتروني لجريدة الملاحظ جورنال الإليكترونية، من المفكر العربي الدكتور عزالدين المناصرة، عرضا مركزا حول الأطروحات الثقافية التي اعترضها ضمن كتاب (الهويات والتعددية اللغوية/قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن)، المؤلف من 420 صفحة، وأصدره باللغة العربية عن الناشر (دار مجدلاوي للنشر والتوزيع) في 31 دجنبر من العام .2004.
وبقدر العناية التي منحها الدكتور في مقاربة أطروحات الكتاب التي أخضعها للنقاش الثقافي ، واكتراثه الكبير بالمناولة المقارنة في المعالجة النقدية لنفس الأطروحات التي اهتم بمجاذبتها في كتاب (الهويات والتعددية اللغوية/قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن)، باعتباره كبير المقارنين العرب، أو كما قال عنه الأكاديمي الهندي، الدكتور “ن- شامناد- N.shamnad “، (يعد عزالدين المناصرة من أهم النقاد المقارنين العرب الذين بذلوا جهدهم في اقتراح: منهج مقارن جديد، خصوصا، في كتاب “المثاقفة والنقد المقارن- والنقد الثقافي المقارن)، بقدر ذلك، نشطر العرض الثقافي لأطروحات نفس الكتاب (الهوية ولتعددية اللغوية/قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن)، لاكتساب فعل قرائي مهذب،ممتعن وممعن، إلى ازدواجية العرض الثقافي:
1 مقدمة: التفاعل المتبادل بين اللغات- 2 الهويات والتعددية اللغوية
* الكاتب- الدكتور عزالدين المناصرة
1. مُقدّمة: التفاعل المتبادل بين اللغات:
هناك شرائح من البشر، سُجّل في هويّاتهم المدنية، أنهم … (بدون دین). والمقصود بالدين هو الأديان المعروفة: الإسلام، المسيحية، البوذية، واليهودية، الهندوسية، … وغيرها. ورغم أن الإنسان، حتى الذي بلا دین رسمي، لا يستطيع العيش بدون معتقدات، تجاه الله والطبيعة والإنسان، مهما كان شكل هذا الإيمان، إلّا أنّ المجتمعات العالمية، تعترف بوجود، وبأحقيّة الإنسان في أن يكون (بدون دین)، إذا ما رغب في ذلك، وإذا ما سمح له نظام الدولة التي يعيش في ظلها، بذلك. ويمكن للإنسان أن ينتقل من هوية عرقية إلى هوية أخرى، بوساطة الانتساب بسبب التفاعل الدائم، كذلك الهجرة والتهجير واغتصاب الهوية الأصلية، بتدميرها وتحويلها إلى هوية أخرى، كما هو الحال مع (هوية الهنود) الحمر الذين اغتصبت أرضهم وهويّتهم العرقيّة التي تدلّ على الأرض، فأصبحت الهوية والأرض، (أمريكية)، ففي عام 1492م، كان عدد الهنود الحمر، هو 112 مليوناً، ثم أصبحوا في الإحصاء الأميركي الرسمي عام 1900م رُبْع مليون فقط. أمّا التحويل من عرقية إلى أخرى، بالاختيار الطوعي، فنحن نجده في رموز ثقافية معروفة مثل: رينيه ويليك (التشيكي – الأمريكي)، وفایسشتاین (الألماني – الأمريكي)، وإدوارد سعيد (الفلسطيني – الأمريكي)، وجولیا کریستیفا، وتودوروف (البلغاريان – الفرنسيان)، والياس کانيتي (البلغاري – البريطاني)، وغيرهم كثير، لكن الشاعر الإيرلندي الشهير – شیماس هيني، فعل العكس، حين رفض أن توضع مختارات من شعره، ضمن مختارات من الشعر البريطاني، صدرت عن دار بنجوين، وأرسل قصيدته الشهيرة (خطاب مفتوح) التي يقول فيها:
– أمّا أن أكون بريطانياً… فلا
الاسمُ… في غير مَحلّه.
– هكذا نجد أن الدين والعرق، يقبلان التحويل إلى درجة المحو، بالاختيار الطوعي، أو الاغتصاب، أو الاختيار القهري. ويبقى عنصر: اللغة: عنصرا مهيمناً في هوية الإنسان. فنحن بحاجة دائماً إلى لغة نتكلّم بها، من أجل التواصل مع الآخرين، سواء أكانت: اللغة – الأم، أو اللغة الأخرى المكتسبة، أو حتى لغة الإشارة، إذا ما كنا من ذوي الاحتياجات. وتبدأ اللغة في المرحلة الغريزية (الطفل مثلاً)، من خلال – الملكة اللغوية التي تولد من خلال المحاكاة في مرحلة أولى، حيث نلاحظ المحاولات الدؤوبة للطفل، وهو يحاول استعمال التصريفات للأفعال والضمائر، وحتى بناء الجملة، أو بناء متواليات من الحمل. أما المرحلة الثانية من الاكتساب، فهي تبدأ باندماج الطفل في النظام النحوي المدرسي المُقنّن، بشكل عام. يقول تشومسكي: (لا يوجد تناقض، عندما نقول: إنّ العقل/ الدماغ، يُعيّن تأويلاً، يختلف عن البنية التي تحددها الملكة اللغوية، أو أنه يفشل في تعيين البنية التي تحددها. فاستعمال اللغة الفعلي، تدخل فيه بعض عناصر العقل/ الدماغ التي تتجاوز الملكة اللغوية، فلذلك قد لا يعبّر عما يدركه المتكلّم أو ما يقوله، تعبيراً دقيقاً عن خصائص الملكة الّلغوية، إذا أُخذت منفردة)(1). ویری تشومسكي أنَّ الملكة الّلغوية خصيصة إنسانية فريدة. فالكائنات الأخرى مثلاً لها أنظمة اتّصال، لكن هذه الأنظمة تختلف عن اللغة الإنسانية بخصائص مختلفة. فالّلغة ليست وسيلة اتّصال فحسب، بل هي وسيلة تعبير عن الفكر. ولا نعلم سبباً واحداً، كما يقول تشومسكي يدعونا إلى: (الاعتقاد بوجود أي اختلافات في المملكة اللغوية، يرجع سببه إلى الاختلاف العرقي)(2).
وبطبيعة الحال، هناك (اللغة – الأُمّ)، أي اللغة الطبيعية التي ينطق بها الإنسان بشكل تلقائي يجمع بين الغريزة والاكتساب. وهناك لغات أخرى نتعلمها أو نُجبر على تعلّمها انطلاقاً من الاحتياج أو الجبر. كذلك، قد تُجبر فئة من الناس على تغيير لغتها، أو تختار فئة أخرى، لغة أخرى، لكنَّ النواة الصلبة للغة الأصلية تظلّ تقاوم، فالنمط السائد في هذه الحالة، هو – ازدواجية اللغة. وما دامت ازدواجية اللغة، حقيقة موضوعية من حقائق التفاعل العالمي، فإن الّلغات تتصارع من أجل البقاء أولاً، ومن أجل الانتشار ثانياً، ومن أجل السيطرة ثالثاً. وفي كل الحالات، ظلّ – مبدأ: التعددية، هو الذي يحكم الواقع العالمي. ويُجمع معظم العلماء على أنَّ – (مبدأ – الاستعمال)، هو الذي نقيس به فاعلية اللغة. فإذا أخذنا بمبدأ الاستعمال اللغوي، فنحن بطبيعة الحال، نأخذ بالمبدأ الأول من مبدأ الاستعمال – أي الاستعمال – كلغة أُمّ. وفيما يلي بعض الإحصاءات العامة، غير الدقيقة، ولكنها تؤشّر إلى الاتجاه العام لمبدأ الاستعمال والفاعلية:
9
– كان هذا الجدول، في الأصل، عبارة عن ثلاثة جداول(3)، أدمجناها في جدول واحد، وهي تؤشر أولاً: إلى مبدأ الطبيعية، أي استخدام اللغة- كلغة أم، كما تُؤشّر إلى مبدأ: الاستعمال، ومبدأ الفاعلية، بغضّ النظر عن عدم دقة الأرقام. ونستنتج منه ما يلي:
أولاً: اللغة الصينية (المندارین)، هي اللغة الأولى من حيث عدد الناطقين بها – كلغة أُمّ، من بين جميع لغات العالم. وتليها: الهندية، ثمّ الإنجليزية، ثمّ: الاسبانية، ثمّ: العربية… الخ. فاللغة العربية – إذاً، تقع في المرتبة الخامسة، من حيث عدد الناطقين بها – كلغة أُمّ.
ثانياً: نفهم مبدأ – الفاعلية، على أنه يعني: استعمال اللغة – كلغة أُمّ، إضافة لمبدأ – الفاعلية والانتشار خارج – اللغة الأُمّ. وهنا كانت – الإنجليزية، هي اللغة الأولى، بامتلاكها – سبعة وثلاثين نقطة، وتليها: الفرنسية – 23 نقطة، فالإسبانية – 20 نقطة، فالروسية – 16 نقطة، فالعربية – 14 نقطة.
ثالثاً: والخلاصة هي أن – العربية، تقع في المرتبة الخامسة في العالم، من حيث كونها – لغةً أُمًّا، ومن حيث الفاعلية والانتشار.
– لقد لعب: الاستعمار الحديث والعولمة، دوراً كبيراً في توسّع اللغة الإنجليزية، وهيمنتها، بينما اكتفت اللغة الصينية (المندارین) التي ينطق بها حالياً: 1.3 مليار إنسان صيني، بالمرتبة الأولى كلغة أمّ، لكنّها لم تتوسّع خارج ذلك، انطلاقاً من الانغلاق الصين السابق على العالم، رغم توسّع الثقافة الصينية في فترة – المد الثوري. ومعنى ذلك أن الصين الثورية لعبت دورین متناقضين: الانغلاق والانفتاح معاً. أمّا – الصين الحالية، فهي تعيش مرحلة مخاض انتقالي، قد يؤدي إلى ثورة جديدة، تستفيد اللغة الصينية منها، في مجال الفاعلية والانتشار، خصوصاً في عصر ثورة المعلوماتية، وهي ثورة عالمية الطابع، لكن الإنجليزية، ما تزال تسيطر على اتجاهاتها الرئيسية في الإنترنت وغيره، تليها: الألمانية واليابانية والفرنسية. لقد اهتمّ اللسانيون العرب بمحاولة تأصيل (علم اللسانيات الحديث)، خصوصاً منذ مؤتمري القاهرة، 1973 و1975، ومؤتمري تونس: 1976 و1978، ومؤتمري دمشق: 1980 و1981، ومؤتمري الرباط: 1982 و 1983. ففي مؤتمر الرباط عام 1983 الذي انعقد تحت عنوان: (اللسانيات التطبيقية العربية ومعالجة الإشارة والمعلومات): (اجتمع أكثر من مئة عالم مختص في الهندسة والحاسبات الإلكترونية واللسانيات، كانوا قد أتوا من البلدان العربية والأجنبية التالية: الجزائر، مصر، العراق، الكويت، المغرب، العربية السعودية، السودان، سوريا، تونس، كندا، فرنسا، ألمانيا الاتحادية، ألمانيا الديمقراطية، الولايات المتحدة، وشارك في المؤتمر: عبد الرحمن الحاج صالح (الجزائر) – سالم الغزالي (تونس) – محمد مراياتي، مازن الوعر، بشير المنجد، (سوريا) – أحمد خضر غزال، عبد القادر الفاسي الفهري (المغرب) وعدنان الأمين (العراق) … وغيرهم. وتمّت مناقشة مسألة – علم اللسانيات الحاسوبي – المعلوماتي)(4). فالعرب يمتلكون الرغبة في الاندماج في التطورات التكنولوجية التي تفيد اللغة العربية، وتساهم في استعمالها وانتشارها، كما أنّهم يحاولون منذ أوائل التسعينات من القرن العشرين، الدخول في النادي المعلوماتي، بخطى سريعة، لكنهم ما زالوا يعيشون مرحلة الدهشة والإعجاب والاستهلاك غير العقلاني في استعمال الأجهزة الحديثة. ويجب أن أشير هنا إشارة خاصة لكتاب المصري نبيل علي: (العرب وعصر المعلومات) الصادر عام 1994. فهو أول من شرح مفهوم أل: (Hypertext) الذي ترجمه بالنص الفائق، مثلما ترجمه آخرون: (النص المترابط)، و(النص المركب)، و(النص المُفرّع)، و(النص المولّد)، وأنا أُفضل ترجمته بـ: (النص المُتشعّب). وكان نبيل علي، هو أوّل من طبّق منظور النصّ الإلكتروني، على نصّ أدبي عربي، هو: (رواية: ذات، لصنع الله إبراهيم)(5)، عام 1992. بطبيعة الحال، يمكن أن نستفيد من آلية (النص الإلكتروني)، لتطوير مفهوم – التناصّ والتلاصّ في الأدب. لقد انتهى عصر التشكيك في إمكانية حوسبة اللغة العربية، وها هي تدخل برامج الحاسوب وشبكة الانترنت بليونة، تنقصها بعض الخبرة، ليس إلّا. فالتوسع في التفاعل مع الحاسوب، سوف يساهم في تيسير اللغة العربية وانتشارها، خارج منطقة – اللغة الأُمّ، خصوصاً في المناطق التي وصل إليها – الإسلام والثقافة العربية:
– وصل الإسلام إلى: إسبانيا، ودول آسيا الوسطى، ودول البلقان، وإيران وتركيا وأفغانستان، وشمالي الهند، ودول جنوب شرقي آسيا، وآسيا الصغرى، وإفريقيا، قبل سقوط الأندلس عام 1492م. أما في العصر الحديث، فقد وصل العرب إلى الأمريكيتين: الشمالية والجنوبية، كما وصلوا إلى أستراليا، وعدد من دول أوروبا الغربية والشرقية، بسبب الهجرة والتعليم والأسباب الاقتصادية. وشكّلوا جاليات عربية، تحاول الحفاظ على تقاليدها وثقافتها ولغتها العربية. وهنا يمكن أن تلعب اللغة العربية دورها في الانتشار، وفي التعريف بالثقافة العربية في منطقتين: البلدان الإسلامية، وبلاد المهجر، إضافة إلى الاهتمام بإفريقيا. وهنا تجدر الإشارة إلى المشروع الرائد الذي قامت به – المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو، بشأن اللغات الإفريقية، التي تمّ تنميط كتابتها بالحرف العربي، وفقاً لنظام صوتي يطابق خصائصها، والتي كانت تكتب أصلاً بالحرف العربي، قبل أن يطالها الغزو الأوروبي، وهي:
1. التماشق – Tamasheq.
2. البولار /فلفلدي – Pular.
3. الهوسا – Haoussa.
4. السوننكي – Soninke.
5. الماندنكة Mandingue.
6. السوسو – Sosso.
7. الكانوري – Kanouri.
8. الصنغي/ زَرما – Songhoy/Zarma.
9. الولوف – Wolof.
10. اليوروبا – Yoruba.
11. السواحلية – Swahili.
12. الدينكا – Dinke.
13. القمرية – Comorien.
14. الأرومو – Oromo.
15. اللوغندة – Lounganda.
16. اللكبارة – Lougbara.
17. التجرينيّة – Tajrini.
18. النوبية – Nobia.
19. الصومالية – Somalien.
20. الزغاوية – Zagawiya.
21. ألمبا/ ودّاي – Alamba/woday).
إضافة لعدد من المعاجم: معجم عربي – فولاني، معجم عربي – هوسا، معجم عربي – قمري. كذلك بعض الكتب التعليمية عن تاريخ هذه اللغات. وصدرت عدة كتب عن اللغات الإسلامية في منطقة آسيا الوسطى، ومنها: 1. كتابة اللغات الأتراكية بالحرف العربي. 2. كتابة اللغات الأذربيجانية بالحرف العربي)(6).
– ويفترض أن نستعيد تركيا إلى دائرة الحرف العربي، بعد غياب طويل في أحضان الحرف اللاتيني، مثلما يفترض أن نتوسع في التقارب مع إيران وأندونيسيا وماليزيا وباكستان وبنغلادش، ودول آسيا الوسطى، ودول البلقان وغيرها، في المجال الثقافي، لكي يظل الحرف العربي، رابطاً مع هذه الشعوب.
– وهناك مبدأ الاستقراض المتبادل بين اللغات، ويتم الاستقراض طوعياً أو قسرياً. فاللغة العربية، استقرضت الكثير من المفردات من اللغات اليونانية والفارسية والإنجليزية والفرنسية مثلما أعطت اللغة العربية، الكثير من اللغات، بعض مفرداتها، وبعض الصيغ والتراكيب. ولم تكن كلمة (انتفاضة = ثورة شعبية ضد الاحتلال) هي آخرها، فقد دخلت هذه الكلمة في معجم أکسفورد الإنجليزي. ويشير (معجم الكلمات الأجنبية في اللغة البلغارية) الصادر باللغة البلغارية، في صوفيا عام 1978 – لمؤلفيه: ميلف، نیکولوف، وبرانکوف، يشير إلى ما يقرب من: 280 كلمة بلغارية، ذات أصل عربي، ومنها:
1. وزير: Vizir.
2. ولاية: Vilaet.
3. حلوى: Halva.
4. هواء: Hava.
5. سراج: Sarach.
6. حساب: Hesap.
7. صورة: Surat.
8. درجة: Derege.
9. حلال: Halal.
10. حشيش: Hasis.
11. سلام: Selyam.
12. عقل: Akal.
13. معجون: Magun.
14. قبّة: Kube.
15. الكحول: Alkohol.
16. صناعات: Zanayat.
17. طبّاخ: Tabak.
18. مخزن: Magazin.
19. فقراء: Fukara.
20. حق: Hak)(7).
– ویری حسن الكرمي أن الكلمات التالية، معربة، وقد ذكر أصولها على النحو التالي:
(1. أسطورة. 2. أسطول. 3. إسفنج. 4. إنجيل. 5. برج. 6. إقليم. 7. بطاقة. 8. برص. 9. ترمس. 10. جبص. 11. صابون. 12. أرخبيل. 19. فنار. 20. قانون. 21. قصدير. 22. قرميد. 23. لوبیا. 24. نفط. 25. یاقوت. 26. بوق. 27. درهم. 28. سفينة. 29. فانوس. 30. فندق. 31. قرنفل. 32. فردوس. 33. نرجس). هذه الألفاظ كلها يونانية. أما الكلمات: ألماس، قنطار، دینار، فهي: لاتينية. أما الكلمات: دیباج، فیل، جاموس، دولاب، برنامج فهرس، قزّ، فهي: فارسية)(8). ويضيف حسن الكرمي: (إذا عرفنا، كيف يستعمل بعضهم حرفاً بدل آخر في الكلام، أرجعنا اللغات جميعها إلى أصول واحدة، أو أصل واحد)، وهو يقدم الأمثلة التالية (العربية والإنجليزية):
1. حبل: Cable.
2. فاض: Flood.
3. سدّ: Shut.
4. جشّ: Dash.
5. استلّ: Steal.
6. جَرَش: Cruch.
7. طويل: Tall.
8. خرق: Crach.
9. دقّ: Dig.
10. حرش: Harsh.
11. لعق: Lich.
12. ضرب: Drub.
13. هرع: Hurry.
14. جشأ: Gush.
15. فراء: Fur)(9).
– ويقول – رافائيل لابيسا عام 1962م: (تأتي أهمية العنصر العربي في اللغة الاسبانية بالدرجة الثانية، بعد العنصر اللاتيني. ويوجد في الاسبانية اليوم، ما ينوف على أربعة آلاف كلمة عربية، ما عدا التعابير الدارجة على ألسنة الأندلسيين، المأخوذة منها(10).
– إذن: فاللغات تمارس مبدأ – الاستقراض المتبادل، وتتشابه في كثير من أصواتها، لكن الإشكالية في هذا المبدأ، تقع في المراحل الانتقالية الصعبة للشعوب. فالفصحى الوسطى العربية المعاصرة، تستقرض الكثير من الألفاظ التقنية من الإنجليزية، وتستقرض بعض المصطلحات الأدبية من الفرنسية، وهو أمر طبيعي، لكنّها تكسل في التوطين، أي لا تبذل جهداً في الترجمة، انطلاقاً من علم شعرية الترجمة. كما أنّ حُرّاس العربية، ينقسمون إلى قسمين:
الأول: محافظ تقليدي، يرغب في سجن العربية في حقيبة الأستاذية، حتى لا يمسّها غير المطهرين) معتقداً بمبدأ – النقاء اللغوي، ومتوهماً أنّ – معرفة أسرار النحو، تعادل الرهبنة، وأن معرفة اللغة أيضاً من أسرار الحرفة التي تمنح التعالي والعزلة معاً. ويتوهم أيضاً أن الحياة سوف تنتظر، وأن اللغة العربية ستدافع عن نفسها تلقائياً، حتى لو غرق حراس العربية في نومهم، مع أن الله يقول: (وأعدّوا…) و(انتشروا…)، لكي تحصلوا على الوطن والرزق واللغة.
الثاني: تيار التحديث والتجديد والتفاعل والمواجهة والعمل الفعلي، من أجل تطوير اللغة بالتفاعل مع حركة الحياة. فالحياة لا تنتظر مجامع اللغة العربية، حتى تترجم أو تشتق أو تنحت كلمة بعد عشر سنوات من وصولها من بلد المنشأ. والحياة لا تنتظر توصيات المؤتمرات، لا يتم تنفيذ أيّ منها، ولا تنتظر الحياةُ الحكوماتِ، (حتى تدرس المسألة من جميع جوانبها)، لأن الأجهزة الحديثة، تصل تباعاً مثل قطار سریع لا يتوقف، ولأنّ المعارف الحديثة تنهمر كالمطر، ولا تنتظر من يبحث عن المظلّة.
كذلك نجد أنّ حرّاس العربية الحقيقيين، هم الذين يحتكّون باللغات الأجنبية، مع معرفتهم الجيدة بأسرار جماليات لغتهم. فهؤلاء يمتلكون غالباً، حساسية عالية تجاه مسألة اللغة، ولهذا نجدهم يمتلكون عقلاً نقدياً تجاه لغتهم العربية، لأنّهم يمتلكون منهجية المقارنة. فاللغة العربية لیست فاعلاً مرفوع بالضمّة، ولا مفعولاً به منصوب بالفتحة. إنها أكبر من ذلك بكثير. فلماذا لا نترك اللغة تستنشق الهواء النقي في الشوارع، بدلاً من سجنها في جامع اللغة العربية، وفي أقسام اللغة العربية في الجامعات. ثم من قال: إن (الأخطاء الشائعة)، أخطاءٌ كلّها. لماذا لا نبحث عن المشترك. لماذا لا نیسّر اللغة العربية على الناس. لماذا نتكلم لغة فصيحة مُقعّرة، متعالية على الناس في المساجد، حيث يشعر الناس بالانفصال عن هذه اللغة. ولماذا لا نعترف بدور العاميّات الطبيعية في إثراء الفصحى، بدلاً من الحوار الأعرج القديم، حول صراع العامية والفصحى. ألم تستفد اللغات الأجنبية على حساب العامية والفصحی معاً. ألم تتكاثر العاميات المُفرنجة على حساب العاميات الأصلية. لماذا لا نفتح أمام الفصحى، نافذة الاستقراض والتفصيح من العامیات، حتى لا تطغى الألفاظ الأجنبية على الفصحى نفسها.
وهناك مشكلة أخرى تواجه العربية: … رغم أنّ عدداً من الباحثين، كتبوا حول (خطر اللغة العبرية) على اللغة العربية في فلسطين، إلّا أن بعض المثقفين العرب، ما زالوا معجبين، ويكيلون المدائح للنموذج اللغوي الإسرائيلي، دون وجه معرفة، أو وجه حق.
أولاً: لم يَرِدْ اسم – (اللغة العبرية) في كتاب العهد القديم – إشارةً إلى اللغة التي تحدّث بها بنو إسرائيل في أرض كنعان. ولم توصف لغة التوراة في النّص التوراتي، على أنها (عبرية). وهذا أمر لافت للنظر، ومحيّر(11). وهذا يؤكد أن (بني إسرائيل)، لم يكونوا في فلسطين أصلاً.
ثانياً: ليس لدولة إسرائيل الحالية فضل على اللغة العبرية، بل العكس، هناك فضل للغة العبرية على دولة إسرائيل. فاللغة العبرية: (كانت تُدرَّس في جامعة باريس في القرن الرابع عشر. وقد تمَّ تأليف عدّة كتب في قواعد اللغة العبرية، منذ نهاية القرن الثاني عشر الميلادي في إسبانيا. كما ظهرت قواعد العبرية التي ألفها العالم الكلاسيكي روشلين في ألمانيا. وفي عام 1529م، أصبحت قواعد – كلينار – Clenard في اللغة العبرية، هي القواعد الواضحة لهذه اللغة في أوروبا(12).
ثالثاً: تأثرت العبرية، باللغة الآرامية الكنعانية، وتأثرت أكثر باللغة العربية، وأخذت منها مئات الكلمات والاشتقاقات والتصاريف. ثم امتزجت باليديش الألمانية، وتأثرت بالروسية.
رابعاً: ليست الإشكالية في أن تستقرض اللغة العبرية، أو حتى أن تعطي إذا استطاعت، فهي تُدرَّسُ في الجامعات العربية، بأقسام اللغة العربية، وأقسام اللغات الشرقية، وفي مراكز اللغات، قبل عام 1948، وبعد عام 1948، وحتى الآن، بينما لا تُدَّرس اللغة السريانية، شقيقة العربية، وابنة الآرامية الكنعانية. لكن الإشكالية هي في تأسيس دولة إسرائيل على أرض – كنعان وفلسطين، وفي اغتصاب الأرض، وتهجير واقتلاع الشعب الفلسطيني في أكبر جريمة في القرن العشرين. لقد تأسست هذه الدولة من قِبَل البرجوازية الأوروبية اليهودية التي كانت تبحث عن أسواق. ولم يكن من اليهود قبل عام 1948 في فلسطين سوى أبناء (الطائفة اليهودية الفلسطينية الذين كانوا يشكلون 7%) من أبناء الشعب الفلسطيني. وهكذا، فقد حوّلت هذه الدولة الاستعمارية الاستيطانية – اللغة العبرية، من لغة للتواصل والمعرفة بين اليهود في أوروبا إلى لغة إديولوجية احتلالية، تحمل شحنة عالية من العنصرية، وهنا يكمن خطرها. فبعض الفلسطينيين، لا يستعملون منها إلّا المفردات العسكرية الإحتلالية التي أُجبروا على استعمالها.
الهوامش
- نعوم تشومسكي: اللغة ومشكلات المعرفة – ترجمة: حمزة بن قبلان المزيني، دار توبقال، المحمدية، المغرب 1990 – ص: 87.
- نفسه، ص: 45.
- شريف الشوباشي: لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه – الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2004 – ص: 38+41+47.
- مازن الوعر: قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، دار طلاس، دمشق، 1988 – ص: 389-398.
- نبيل علي: العرب وعصر المعلومات، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1994: وانظر: رواية ذات لصنع الله إبراهيم من منظور معلومات، مجلة إبداع، العدد الثاني عشر، ديسمبر 1992، القاهرة.
- عبد العزيز التويجري: مستقبل اللغة العربية، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط، 2004، ص: 42+43+46+47.
- (باللغة البلغارية): ميليف، نيكولاف، وبراتكوف: معجم – تشوديتي دومي ففْ بُلغارسكي إيزِكْ، منشورات: ناؤوكا وازكوستفو، صوفيا، 1978.
- حسن الكرمي: اللغة، نشأتها وتطورها في الفكر والاستعمال، وزارة الثقافة، عمان، 2002 – ص: 125-126.
- نفسه – ص: 3-5.
- سلمى الحفّار الكزبري: الإسبان المعاصرون، والحضارة العربية في الأندلس، في كتاب: الأندلس: صفحات مشرقة، منشورات مجلة العربي، الكويت، 2004 – ص: 19.
- رشاد الشامي: إشكالية الهويّة في إسرائيل – سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1997 – ص: 60.
- ر. ه. رويتر: موجز تاريخ علم اللغة – في الغر، ترجمة: أحمد عوض، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1997 – ص: 169-170.
- عز الدين المناصرة: الهُويّات… والتعددية اللغوية، دار مجدلاوي، عمّان، 2004.