تتطلع شركة التهيئة زناتة (إحدى فروع صندوق الإيداع والتدبير) إلى جعل سنة 2021 محطة لبعث نفس جديد في المدينة البيئية “زناتة”، كحاضرة مستدامة ونموذج مبتكر للقارة السمراء برمتها.
وهو ما أكده المدير العام للشركة السيد محمد أمين الهجهوج، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، موضحا أن أشغال البناء في هذا المشروع الشامل والمتكامل، الذي جعل الإنسان في صلب اهتماماته، تجري حاليا على قدم وساق للتعجيل باستقبال أول دفعة من السكان خلال شهر يونيو من السنة الجارية.
ويتعلق الأمر بحي “المزرعة” السكني الممتد على مساحة 70 هكتار، والواقع على بعد 400 متر من شاطئ هذه المدينة الساحلية، والذي استرعى باهتمام العديد من المنعشين العقاريين من أجل استكمال رسم ملامحه النهائية، عقب إمداده بكل ما يلزم من قنوات الصرف الصحي وشبكات توزيع الماء والكهرباء والألياف البصرية للهاتف (fibre optique).
وانسجاما مع الأهداف البيئية المرسومة يوفر هذا المشروع التنموي لساكنة الحي أيضا حديقة مركزية تفوق مساحتها 8 هكتارات، روعيت في تصميمها أدق التفاصيل التي توفر شروط الراحة والمتعة، من فضاءات لألعاب الأطفال واليافعين وملاعب رياضية ومنتزه رائع و نافورات وساحات عمومية وممرات خاصة للتشجيع على ممارسة استعمال الدراجات الهوائية ورياضة المشي أوالجري بالإضافة إلى سلسلة من خدمات القرب المتنوعة.
وإلى جانب القطب السكني -يضيف السيد الهجهوج- فقد تم تخصيص المنطقة الجنوبية للمدينة ،الممتدة على مساحة 50 هكتارا، للجمع بين مجموعة من الأقطاب المهمة ذات البعد السوسيو اقتصادي والبيئي، تشمل بالخصوص القطب التجاري والقطب الصحي والقطب الجامعي الدولي.
فبالنسبة للقطب التجاري الذي أنجز الشطر الأول منه، في أفق تدشين الشطر الثاني سنة 2023، فيضم مجموعة من العلامات التجارية الكبرى (من قبيل إيكيا و ماكدونالد و الكتروبلانيت وغيرها).
أما القطب الصحي، الذي من المرتقب الشروع في إنجازه خلال الشهر الجاري، بتعاون مع المستشفى السعودي الألماني، فيضم المركز الاستشفائي المندمج الذي يتسع لاستيعاب 300 سرير، ويتوخى توفير مختلف الاختصاصات الكفيلة بتغطية الحاجيات الصحية سواء على الصعيد الوطني أو الإفريقي.
فيما يتضمن القطب الجامعي الدولي مؤسسات جامعية كبرى مختصة أساسا في ثلاث شعب تهم الهندسة والتجارة والطب (منها الجامعة الطبية الكبرى التي سيقوم بإنجازها المستشفى السعودي الألماني).
ولربط هذه المدينة البيئية بمحيطها، أشار السيد الهجهوج إلى بدال الطريق السيار الذي يعتبر البوابة الرئيسية نحو “زناتة” فضلا عن المخطط الأولي للطرق المحورية للمشروع، منها الطريق الساحلية إلى جانب الطرق الرابطة بين المحور الشاطئي والطريق السيار الدار البيضاء- الرباط.
وشدد، في السياق ذاته، على أن المدينة البيئية “زناتة” تبقى ورشا مفتوحا لاستقبال مختلف المبادرات التي تصب في هذا المنحى لما فيه مصلحة الساكنة ومرتاديها، إذ يراهن من خلالها على إحداث أزيد من 100 ألف فرصة عمل، واستقطاب 300 ألف نسمة من السكان.
ويذكر أن هذه المدينة البيئية، التي ستستقبل ساكنتها على دفعات، تمتد على مساحة إجمالية تقدر بنحو 1830 هكتار، 470 هكتارا منها مخصصة للفضاءات الخضراء التي يمكن الاستفادة منها لممارسة مختلف الرياضات، والاستمتاع بعبق رياح البحر الذي تطل عليه المدينة على امتداد 5ر5 كلم.
وبذلك ستكون هذه المدينة البيئية (التي تم إعداد مخطط التهيئة لمنطقتها الأولى على مساحة 800 هكتار) من أهم المشاريع التنموية لصندوق الإيداع والتدبير وعلى صعيد المملكة، حيث رصد لإنجازها غلاف مالي بقيمة 21 مليار درهم.
ويأتي هذا المشروع تجسيدا لمقتضيات اتفاقية تمويل وقعتها الشركة المكلفة بتهيئة زناتة مع الوكالة الفرنسية للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار بمبلغ إجمالي يناهز 300 مليون أورو (150 مليون أورو لكل منهما) فضلا عن استفادة مشروع المدينة البيئية زناتة من وعد دعم بـ 30 مليون أورو من الاتحاد الأوروبي في إطار برنامجه لتسهيل الاستثمار بدول الجوار.
وتتطلع الجهات المساهمة في إنجاز أشطر هذه الوحدات السكنية والتجارية من المنعشين العقاريين وغيرهم إلى جعل هذه المدينة فضاء بيئيا مبتكرا يدمج بشكل مستدام ما بين سلسلة من الرهانات ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي و البيئي.
وبفضل موقعها الاستراتيجي بين العاصمتين الإدارية (الرباط) والاقتصادية (الدار البيضاء) وقربها من شبكة السكك الحديدية والطرقية وخاصة الطريق السيار الرابط بين هاتين المدينتين المحوريتين إلى جانب مؤهلات أخرى، فالمدينة البيئية زناتة تحظى بمواصفات عالمية تحترم فيها الجودة والبيئة، وبذلك ستكون متنفسا وملاذا سياحيا خاصة بالنسبة لساكنة مدينتي الدار البيضاء والمحمدية المجاورتين لها.
ويعتبر هذا المشروع الرائد نموذجا مبتكرا يمكن أن يحتذى به في التصورات المستقبلية للتهيئة الحضرية، بما يراعي مختلف الحاجيات التي تساهم بقوة في المسار التنموي المستدام المراهن عليه على الصعيد الأممي.
تميز هذا المشروع توج بحصول المدينة البيئية زناتة على أول علامة للتميز من نوعها، على هامش فعاليات الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 22 ) التي احتضنتها مدينة مراكش، وذلك لكونها تشكل قفزة نوعية لتهيئة المدن على صعيد القارة السمراء.