على ما يبدو، أن التدابير التنموية التي قامت بها المملكة المغربية بأقاليمها الجنوبية بعد زيارة الملك الرسمية للصحراء المغربية،ولهفة اللوبي المسيطر على القرار بالجزائر لإظهار الولاء “للبوليساريو” وعزمهم على إخراج هذا الكيان من غرفة الإنعاش، لتحقيق حلمهم الذي مافتئ يروادهم بالوصول إلى الضفة الأطلسية، بالإضافة إلى بحثهم المتواصل لإيجاد حل لاستئناف التوصل بالمساعدات الإنسانية،كالعادة، للمنظمات الدولية، التي عرفت مؤخرا نضوبا بعد افتضاح أمر تحويلها إلى غير الوجهة المرسلة إليها،دفعت بوتفليقة، على غير عادته، خلال ولايته الرابعة التي اتسمت بغيابه عن حضور المناسبات الرسمية بما فيها الاحتفال بالأعياد الوطنية التي دأب، لما كان جسمه يسعفه، على حضورها شخصيا، إلى شد أزره لاستقبال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس.
مكابرة بوتفليقة،على مايبدو،رغم مرضه الشديد،الذي أبعده عن الساحة السياسية الجزائرية بشكل ملفت،ولهفته،أيضا،على استقبال المبعوث الأممي شخصيا، يفسره حرص وكالة الأنباء الجزائرية على إعلان خبر اللقاء بينه و بين محمد عبد العزيز هذا الأحد، لتناول عدد من القضايا المشتركة بين الجزائر و كيان “البوليساريو” المصنوع من طرفها بالصحراء الشرقية جنوب البلاد، المتواجد على مساحات شاسعة على شكل خمس مخيمات تغيب عنها شروط الإنسانية، يفتقد فيها السكان لشروط العيش الكريم، وهم المكونون أساسا من فئة المحتجزين المغاربة وأبنائهم الذين منع عليهم الالتحاق بالمغرب بعد استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية بالمسيرة الخضراء، وفئة الميليشيات المسلحة الساهرة على حراسة هؤلاء وتدجينهم وغسل أدمغة الأطفال عبر بعثهم لتلقي تكوينات عسكرية عند أنظمة عرفت بالديكتاتورية، وفئة الحكام المروضة من طرف عسكر الجزائر والمسيرة بواسطة مخابراتها، بالإضافة إلى فئة أخرى مختلطة الجنسية من مواطني قبائل الرحل جنوب الجزائر ودول الساحل والمرتزقة التي سبق لها القتال إلى جانب نظام القذافي، وهو ما يؤكد بوضوح أن الجزائر هي الطرف الفعلي الذي ينازع المغرب على صحرائه.
فهل بإصرار الجزائر،هنا، على عرقلة السماح للمنتظم الدولي لإحصاء عدد سكان المخيمات التي تتواجد تحت نفوذها، وعدم نحوها نحو أغلب دول العالم التي أشادت بمقترح المغرب للحكم الذاتي تحت سيادته بأقاليمه الجنوبية، تريد به إعادة سيناريو الصحراء الشرقية التي أصبحت تحت نفوذ الجزائر بعد ما كانت قبل الاستعمار أقاليم تابعة للمغرب وهو الذي عرف بمده الدعم الكبير واللامشروط للمقاومة الجزائرية حتى استقلالها.
بالرغم من أن موضوع الصحراء الشرقية التي كانت تابعة للمغرب قبل الاحتلال، توجد الآن تحت سيطرة الجزائر، وبما أن المغرب لا يريد أن يذكر به جارته رغم وجود تيارات متعددة داخل المغرب تطالب باسترجاعها، فلابأس أن نذكر نحن، كمثقفين، الجزائر بأنه من المفروض ومن اللازم أن يحظى أي مواطن يتواجد على أية بقعة تابعة لدولة ما بشروط الحياة والمواطنة واجبا توفره له هذه الدولة، ولو كان هذا المواطن يتواجد عى تراب يعتبر ثانويا أو منجما للثروات فحسب، حصل عليه من دولة أخرى تحت أي ضغط أو ظرف، لذا فمطلوب من الجزائر، الآن، في ظل ما يعرفه العالم من تغيرات، واقتناع الكل بأن على كل دولة أن تضع شروط الإنسانية فوق كل اعتبار، أن تعامل مواطني الصحراء الشرقية بنفس المعاملة التي يعامل بها مواطنوها شمالا،لاسيما وأنه لا يخفى على أحد أنها تستغل الثروات المعدنية والنفطية المتواجدة بها أبشع استغلال، وأن 94 في المائة من عائداتها تجنيه الجزائر من النفط والغاز.
الجزئر أصبحت،الآن، مطالبة بتحمل مسؤوليتها كدولة تجاه المخيمات المتواجدة تحت نفوذها، وذلك بتوفير الكرامة داخلها، وضمان حرية تنقل الأفراد منها وإليها، إلا إذا كان يمنعها خوف أجهزتها من عودة كل المحتجزين المغاربة إلى وطنهم،وانتهاء أطروحتها المصنوعة، وفتح الباب أمام المنظمات الحقوقية للاطلاع على ظروف العيش بها وتأكد المانحين للمساعدات الإنسانية من وصولها إلى هدفها، حتى لا نقول أن للجزائر أطماعا تحجبها بواسطة ستار “البوليساريو” وأن المشكل الرئيسي “للنزاع المفتعل” حول الصحراء المغربية تتحكم فيه الجزائر التي يظهر أنها تمتلك،وحدها، حق رفض أو قبول أي مقترح، وأن على المغرب أن يطالب رسميا بالتفاوض مع الجزائر بدل “البوليساريو” لكي يتم الوصول إلى حل لرجوع المحتجزين إليه .