يتجدد الجدل كل مرة حول ظاهرة البرلمانيين الأميين في مجلس النواب والمستشارين بالمغرب والذين لايحسن بعضهم القراءة والكتابة، ما جعل النقاش ينصب مجددا بضرورة تحديد شرط المستوى الجامعي العالي من أجل ولوج قبة البرلمان.
عبد الواحد الراضي، رئيس الجلسة العمومية لمجلس النواب،التي خصصت مؤخرا لانتخاب رئيس الغرفة الأولى في المؤسسة التشريعية قال في بداية التصويت من لا يعرف الكتابة فليطلب المساعدة من النائب البرلماني الذي يجلس بجانبه»، هكذا خاطب
مقطع الفيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، وعرف ردود أفعال مختلفة أعادت للواجهة نقاش المستوى التعليمي للنواب البرلمانيين المغاربة، وأمية العديد منهم ممن لا يتقنون القراءة ولا الكتابة.
ويرى الكثير من المغاربة أنه من غير المعقول أن يتولى السلطة القضائية نساء ورجال القانون، والسلطة التنفيذية الكفاءات العلمية والأكاديمية، في حين تبقى السلطة التشريعية مفتوحة للأميين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة .
فيما تساءل البعض الآخر عن الكيفية التي يمكن أن يقوم بها البرلماني بمهامه على أكمل وجه دون أن يكون له مستوى تعليمي محترم.
و بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، فإن هناك جدلا بين طرحَين، يذهب الأول في اتجاه ضرورة إلزامية أن يكون للمترشح مستوى تعليمي جامعي كشرط من شروط الترشح لمجلس النواب، مشيرا إلى أنه لا يمكن للمشرّعين أن يكونوا أميين وجهلاء فذلك يساهم في انحدار الأداء التشريعي.
وتابع لزرق “إن كان هذا الطرح يكسب معقولية فانه يتعارض مع الدستور ،خاصة و ان الفقرة الاولى من الفصل 30 من الدستور أعطى ” لكل مواطنة و مواطن، الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية، والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية”.
وأشار لزرق إلى أن القانون ينص على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية.”
واعتبر المتحدث ذاته، أن تقييد الترشح للبرلمان بشرط التعليم هو يتعارض مع الدستور لكون المؤسسة البرلمانية وفق الخيار الديمقراطي تستوجب ان يكون المجلس مراة تعكس المجتمع بكل فئاته المتعلمة وغير المتعلمة.
واسترسل قائلا ” الحال كون هذا النقاش على أهميته هو يوضح العطب في المنظومة الحزبية التي اوكل لها التعاقد الدستوري التي هي المدخل للاصلاح ،لكون وفق الفقرة الاولى من الفصل 7 ” تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.”
وشدد لزرق على أن “العطل ليس في النصوص بل في النفوس” لكون تواجد أميين هو واقع، يكشف ليس اشكالا قانونيا كما يصور بعض السطحيين، بل يكشف لنا عن واقع حزبي و مسؤولية من يعطي التزكية لمرشح يفترض فيه انه ينزل مشروع حزبي ، لكون الاحزاب هي من تزكي الاميين ،لكون المنظومة الحزبية هي التي تعرف اعطابا، لكونها لم تواكب الزمن الدستوري و لم تتجه للتحول من احزاب افراد لاحزاب مؤسسات، و نجد قيادات الافراد لا يهمها سوى المقعد كغاية و ليس كوسيلة ، همها كم حصلت من مقعد و ليس همها هل هؤلاء قادرون على الدفاع عن المشروع الحزبي.
وتابع “اذا كانت هذه الاحزاب تتوفر على مشروع ،فلطالما سمعنا في سيطرة المال الفاسد في منح التزكيات دون ان يتبع ذلك تحقيق قضائي، و قيادات الاحزاب تضغط في ملغفات بعض المتابعين في قضايا فساد ، كما سمعنا ببيع التزكيات و بات من يملك المال يفرض نفسه على مسؤول الحزب كوكيل للائحة، فمن اشترى تزكية هو من يفوز ولو كان فاسدا ومحدودا وجاهلا، على حساب المناضلين ولو كان أفضل منه تعليما وأكثر تكوينا من الناحية السياسية.”