قرر المستثمرون الصينيون الذين اتصلت بهم الجزائر، النأي بأنفسهم عن المشروع الضخم غار جبيلات لاستغلال رواسب الحديد، بسبب بعد الإشكاليات السياسية التي يمكن أن يخلقها الأمر مع المغرب، كون أن موقعه يتواجد بالصحراء الشرقية، والتي هناك نزاع حولها منذ عقود بين الرباط والجزائر، وذلك فيما يخص تدقيق الحدود البرية، والالتزام باتفاقات سابقة بين البلدين.
وذكر موقع “Maghreb Intelligence” نقلا عن مصادر مقربة من السفارة الصينية في الجزائر العاصمة، أن السلطات الصينية قد ثنيت شركاتها عن الانخراط بشكل كبير في هذا المشروع حتى لا تسيء إلى المغرب وتعرض المصالح الصينية في السوق المغربية للخطر.
وأشار “Maghreb Intelligence” إلى أنه في بكين يريد القادة الصينيون بأي ثمن أن يظلوا محايدين في هذا الصراع الجزائري المغربي الذي لا يكاد يتناسب مع رؤيته العالمية للمغرب العربي، وهي رؤية قائمة على البراغماتية الاقتصادية.
وأوضحت المعلومات المختصة في الصحافة الاستقصائية، أن السلطات الصينية لم تقدر كثيرا في البداية أن هذا المشروع الاقتصادي الذي تريده الجزائر هو في قلب نزاع سياسي كبير بين الجزائر والمغرب، مشيرا إلى أنه في الواقع وفقا للإعلان المغربي – الجزائري الصادر في الرباط في 15 يونيو 1972 بشأن تعيين الحدود والذي وقعه المغفور له الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، كان من المقرر أن يعهد باستغلال منجم غار جبيلات إلى شركة مشتركة بين البلدين.
وأضافت أنه بموجب بنود الاتفاق الثنائي، فإن المنجم الواقع على بعد حوالي 140 كيلومترا جنوب شرق تندوف، وهي نقطة حساسة للنزاع في الصحراء المغربية، تخضع “لسيادة” الجزائريين حاليا، لكن المغرب لديه “إمكانيات لإجلاء والشروع في خام الحديد عبر ميناء مغربي يقع على المحيط الأطلسي” في إطار المشروع المختلط، وفق الاتفاق الموقع بين البلدين.
وتابعت القول إنه في ظل مواجهة هذا الاتفاق الذي يمنح المغرب “حق التدقيق” في هذا المشروع، لم ترغب بكين في وضع أقدامها في المنطقة وتفضل الحفاظ على حيادها التاريخي في التوترات الجزائرية المغربية، وأنه لهذا السبب تصر مصادر الموقع الإخباري على أن مشروع غار جبيلات لم يتمكن من إحراز تقدم في الأشهر الأخيرة، وأنه لم يقترح أي تمويل صيني على الجزائر العاصمة للشروع نهائيا في أعمال استغلال هذه الإمكانيات الواعدة، التي هي بالتالي في حالة انسداد تعتبر مزعجة للغاية في القصر الرئاسي بالمرادية.