تهور الكابرانات يورط الجزائر في أزمة دبلوماسية خانقة تهدد بعزلها تماما عن محيطها الإقليمي (وثيقة)
في تطور لافت يعكس تصاعد التوتر بين الجزائر ومالي، أعلنت سلطات باماكو عن إغلاق مجالها الجوي في وجه كل الطائرات المدنية والعسكرية الجزائرية، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ اعتبارا من يوم أمس الإثنين حتى إشعار آخر.
جاء ذلك ردا على قرار مماثل أعلنت عنه الجزائر في نفس اليوم (الإثنين 7 أبريل الجاري)، يقضي بإغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المالي، وهي الخطوة التي أفرزت تصعيدًا دبلوماسيًا غير مسبوق بين البلدين.
من جانبها، كانت السلطات الجزائرية قد بررت قرارها بما وصفته بـ”الاختراقات المتكررة” لمجالها الجوي من قبل طائرات تابعة للجيش المالي، حيث أشارت في بيان صادر عن وزارة الدفاع الوطني إلى أنها قامت بإسقاط طائرة بدون طيار، زعمت إنها كانت تحلّق داخل الأجواء الجزائرية، وهو ما اعتبرته بـ”مساسًا بسيادتها الوطنية”.
كما تضمن البيان قرارات إضافية تمثلت في سحب سفيري الجزائر بكل من باماكو ونيامي، وتأجيل مباشرة السفير الجزائري الجديد في واغادوغو لمهامه، وهو ما عدّه مراقبون تصعيدًا دبلوماسيًا واضحًا.
في مقابل ذلك، أصدرت وزارة النقل والبنى التحتية في مالي بيانًا رسميًا نفت فيه بشكل قاطع الاتهامات الجزائرية، مؤكدة أن الطائرة التي أُسقطت كانت داخل الأراضي المالية، مستدلة على ذلك بسقوط حطامها داخل الحدود المالية. كما اعتبرت السلطات المالية أن البيان الجزائري اتسم بالتسرع والانفعال، داعية إلى اعتماد القنوات الدبلوماسية في معالجة الخلافات.
واتهم البيان المالي الجزائر بـ”الاستمرار في رعاية الإرهاب الدولي”، معتبرًا أن قرار إغلاق المجال الجوي المالي أمام الطيران الجزائري يأتي من منطلق المعاملة بالمثل، ويعكس رفض باماكو لما وصفته بـ”الخطوات الأحادية وغير المبررة” من جانب الجزائر.
في سياق متصل، يطرح مراقبون احتمال اتساع دائرة التوتر لتشمل دولًا أخرى في المنطقة، من قبيل بوركينا فاسو والنيجر، الحليفين المقربين حاليًا لمالي، واللتين قد تتخذان إجراءات مماثلة بإغلاق مجالهما الجوي أمام الطيران الجزائري تضامنًا مع باماكو. وفي حال تحقق هذا السيناريو، فإن الكلفة الجيوسياسية واللوجستية على الجزائر ستكون كبيرة، إذ ستجد نفسها محاطة بجوار إقليمي مغلق، ما من شأنه أن يعقّد تحركاتها الجوية، ويزيد من عزلتها في منطقة تُعد ذات أهمية استراتيجية كبرى في ملف الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.