الحرارة تكتب فصلها الجديد.. صيف 2025 يهدد بتجاوز كل التوقعات

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

مع اقتراب موسم الصيف، تتزايد المخاوف من أن يكون صيف 2025 الأشد حرارة في تاريخ المغرب، وسط تحذيرات علمية من استمرار تأثيرات التغيرات المناخية وتسجيل درجات حرارة قياسية في مختلف مناطق العالم. وبينما تشير المؤشرات الأولية إلى ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة منذ بداية الربيع، تتجه الأنظار إلى ما يحمله الفصل القادم من انعكاسات على الحياة البيئية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

تغير مناخي متسارع يعيد رسم ملامح الطقس

يؤكد الدكتور سعيد بركاني، الباحث في علوم المناخ بكلية العلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “المغرب يشهد منذ أكثر من عقدين تحولاً تدريجيًا في منظومته المناخية نتيجة التغير المناخي العالمي، إلا أن السنوات الأخيرة سجلت تسارعًا لافتًا في وتيرة الظواهر القصوى، مثل موجات الحر الطويلة، وقلة التساقطات، وتراجع الاحتباس الحراري الليلي”.

ويضيف الدكتور بركاني أن “صيف 2024، رغم شدته، قد يكون مقدمة لما هو أشد في 2025، خاصة وأن المؤشرات المناخية التي نتابعها (مثل ظاهرة النينو وارتفاع حرارة سطح البحر الأبيض المتوسط) تشير إلى احتمال كبير بتسجيل درجات حرارة تفوق المعدلات الموسمية المعتادة بـ3 إلى 5 درجات مئوية”.

الأقاليم الجنوبية والأطلس في دائرة الخطر

وتشير تقارير المديرية العامة للأرصاد الجوية المغربية إلى أن المناطق الداخلية والجنوبية ستكون الأكثر تأثرًا، مع إمكانية تجاوز درجات الحرارة عتبة 48 درجة مئوية في مدن مثل زاكورة والراشيدية وطاطا، خاصة خلال شهري يوليوز وغشت.

أما المناطق الجبلية، التي كانت تشكل تاريخيًا ملاذًا من الحرارة، فهي الأخرى ستشهد صيفًا ساخنًا غير معتاد، ما يؤثر بشكل مباشر على الموارد المائية وتوازن النظم البيئية المحلية.

تداعيات محتملة على الزراعة والأمن المائي

يرى الخبير في اقتصاد الماء الدكتور يونس الإدريسي أن الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة “سيزيد من الضغط على الموارد المائية، خصوصًا في ظل تراجع احتياطي السدود وتقلص معدلات تساقط الثلوج خلال الشتاء الماضي”، محذرًا من أن “موسم الصيف القادم قد يشكل نقطة تحول في علاقة المغرب مع أمنه المائي والغذائي”.

ويتابع قائلاً: “الزراعات الموسمية، مثل البطيخ والدلاح، التي تستهلك كميات ضخمة من المياه، ستتأثر بشكل مباشر، إما بتراجع المساحات المزروعة أو بانخفاض الإنتاجية. كما أن موجات الحرارة الطويلة تهدد بإجهاد حراري للمواشي وتراجع كبير في مردودية سلاسل الإنتاج الفلاحي”.

الصحة العمومية في مواجهة خطر موجات الحر

من جانبه، يؤكد الدكتور عادل بنموسى، أخصائي الصحة البيئية، أن صيف 2025 “قد يسجل زيادة في عدد حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس، لا سيما في صفوف المسنين والأطفال والمرضى المصابين بأمراض مزمنة”. ويشدد على أهمية “تعزيز حملات التوعية وتوفير أماكن التبريد العمومية في المدن الكبرى، وتكييف المؤسسات الصحية لمواجهة ضغط إضافي محتمل”.

هل نحن مستعدون؟

رغم كل التحذيرات، يرى العديد من المتابعين أن المغرب لا يزال بحاجة إلى خطط طوارئ مناخية واضحة ومفعّلة، خاصة على المستوى المحلي. ويؤكد الباحثون أن التكيّف مع التغير المناخي لم يعد خيارًا، بل ضرورة حيوية، خصوصًا في ظل تواتر موجات الجفاف وحرائق الغابات والتصحر.

التوقع العلمي والتعبئة الوطنية

بين السيناريوهات المناخية المرتقبة والواقع الميداني، يبقى صيف 2025 مرشحًا بقوة ليكون الأشد حرارة في تاريخ المغرب المعاصر، ما يستدعي تعبئة علمية، مؤسساتية ومجتمعية، لمواجهة التحديات التي تفرضها أزمة المناخ العالمية، التي لم تعد مجرد احتمال نظري، بل واقع ملموس يطرق أبواب المملكة.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.