حملة الدراجات النارية: جهاز قياس السرعة يثير جدلاً بين السلامة الطرقية ومعاناة البسطاء

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تشهد مختلف المدن والقرى المغربية في الآونة الأخيرة حملات أمنية متواصلة تستهدف الدراجات النارية المخالفة للقانون، وهو ما أثار جدلاً واسعاً وسط شريحة عريضة من المواطنين الذين يرون في الدراجة النارية وسيلة أساسية، بل وحيوية، في تنقلاتهم اليومية وضمان قوتهم اليومي.

فبالنسبة لآلاف الأسر، لم تعد الدراجة النارية مجرد وسيلة نقل، بل تحولت إلى وسيلة عمل ومعيشة، سواء في نقل المنتوجات الفلاحية إلى الأسواق، أو الالتحاق بمقرات العمل في ظل غياب بدائل حقيقية وفعّالة. ومع ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار التنقل، يجد المواطن نفسه أمام معضلة: إما المخاطرة بمصادرة دراجته خلال الحملات الأمنية، أو العجز عن توفير كلفة النقل اليومي عبر سيارات الأجرة.

وتزداد معاناة المواطن القروي على وجه الخصوص، حيث تفرض المسافات الطويلة ـ التي قد تتجاوز ثلاثين كيلومتراً ـ تحديات مضاعفة. فهل السرعة التي يفرضها القانون الجديد قادرة على تمكين المواطن القروي من الوصول إلى عمله في الوقت المناسب؟ وحتى إذا لم يكن الأمر يتعلق بالعمل، فهل يمكن لهذه السرعة أن تستجيب لحاجته الطبيعية في التنقل لزيارة أسرته أو التبضع رفقة زوجته من المدينة؟

عدد من المتتبعين يؤكدون أن المقاربة الزجرية الصرفة لا تكفي، وأنه لا بد من حلول وسطية تراعي الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للهشّين الذين يعتمدون على الدراجة كوسيلة عيش قبل أن تكون وسيلة نقل. فالمريض الذي يحتاج إلى المستشفى، أو الفلاح الذي ينقل محاصيله، أو العامل الذي يتنقل يومياً لمسافات طويلة، يجد نفسه اليوم في مواجهة إكراهات إضافية لم يُقدَّم لها أي بديل عملي.

وفي مقابل هذه الانتقادات، تؤكد الجهات الرسمية أن الحملات الأمنية تأتي في إطار تعزيز السلامة الطرقية والحد من الحوادث، معتبرة أن الانضباط لقوانين السير ضرورة لا محيد عنها. غير أن واقع الحال يكشف عن حاجة ملحة إلى مقاربة شمولية توازن بين متطلبات السلامة وحق المواطن في التنقل بكرامة، بعيداً عن مزيد من الهشاشة الاجتماعية.

ويبقى السؤال معلقاً: هل ستبادر الحكومة إلى تقديم حلول وبدائل تراعي الفئات الأكثر هشاشة، وتضمن لهم حقهم في التنقل والعمل، أم سيظل المواطن البسيط ضحية بين مطرقة الغلاء وسندان القوانين الصارمة؟

فإذا كان الموظف، براتبه الشهري المحترم، لم يعد قادراً على مجاراة تكاليف الحياة اليومية أمام موجة الغلاء وارتفاع الأسعار، فماذا عن المواطن البسيط والفقير الذي لا يملك سوى دراجة نارية يسعى بها وراء لقمة عيشه؟ هل يُطلب منه أن يغلق باب منزله وينتظر الموت جوعاً، فقط لأنه لا يستطيع تحمّل كلفة بدائل التنقل الأخرى؟ أليس من الظلم أن يتحول القانون من وسيلة لتنظيم السير وضمان السلامة، إلى عائق يسدّ أمامه أبسط مقومات العيش الكريم؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.