أربع سنوات من حكومة أخنوش… من الوعود الكبرى إلى انفجار الشارع

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لم يكن المشهد الاحتجاجي الذي يعيشه المغرب اليوم وليد الصدفة، ولا نتيجة عابرة لغضب اجتماعي مؤقت، بل هو تتويج لمسار أربع سنوات متواصلة من الإحباط وتراكم الأزمات في عهد حكومة يقودها عزيز أخنوش. سنوات وُصفت بـ”السوداء” في تاريخ التدبير العمومي، لأنها أفرزت مزيجاً من الغلاء والبطالة وتراجع الثقة، وأطلقت موجة غضب اجتماعي غير مسبوقة.

وعود انتخابية تبخرت

حين صعد أخنوش إلى رئاسة الحكومة، ملأ الفضاء السياسي بوعود كبيرة: مليون منصب شغل، تعليم متطور، قطاع صحي حديث، وتحسين مستوى عيش المواطن. غير أن الواقع سرعان ما انقلب رأساً على عقب. الأسعار ارتفعت بشكل جنوني، من المحروقات إلى أبسط المواد الغذائية، فيما ظل التشغيل بعيداً عن متناول الشباب. وبدلاً من تنزيل سياسات اجتماعية حقيقية، انشغلت الحكومة بصفقات كبرى أثارت الشبهات، خصوصاً في مجالات الطاقة والماء.

الغلاء.. العنوان العريض للمرحلة

لا يكاد بيت مغربي يسلم من جرح الغلاء. أسعار الخضر والفواكه واللحوم قفزت إلى مستويات لم تعد تحتمل، لتتحول الموائد إلى رمز للعجز. ومع كل وقفة احتجاجية أو إضراب، كانت الحكومة تجيب بخطاب رسمي مطمئن، في الوقت الذي كان الشارع يزداد احتقاناً ويغلي بالغضب.

تضارب المصالح والفساد

أكبر ما شوّه صورة الحكومة هو ارتباطها بمصالح اقتصادية ضخمة يتحكم فيها رئيسها. الحديث عن تضارب المصالح لم يعد مجرد اتهام سياسي، بل حقيقة تجلت في قرارات اقتصادية تصب في صالح لوبيات معينة. أما المؤسسات التشريعية والرقابية، ففقدت بدورها جزءاً من ثقة المواطن بعد أن لاحقت شبهة الفساد عدداً من المسؤولين.

خطاب رسمي يزيد النار اشتعالاً

لم يكن الخطاب الحكومي متناغماً مع الواقع. تصريحات مستفزة من قبيل “كل شيء تحت السيطرة” و”من لا يعجبه يشرب من البحر” ساهمت في تعميق الهوة بين المواطن والدولة. فبدلاً من تقديم حلول ملموسة، تحولت لغة المسؤولين إلى مصدر استفزاز دفع الشارع إلى مزيد من الغليان.

انسداد الأفق وهجرة الشباب

الأزمة الاقتصادية أغلقت الأبواب في وجه آلاف الشباب، لتصبح الهجرة السرية الخيار الوحيد أمام الكثيرين. صور قوارب الموت، وعبور الشباب نحو سبتة ومليلية، لم تكن سوى تعبير صارخ عن انسداد الأفق وغياب السياسات التي تمنح الأمل لجيل كامل.

من احتجاجات مطلبية إلى أعمال عنف

العجز عن الاستجابة للمطالب الاجتماعية البسيطة سمح بتحول الاحتجاجات إلى فوضى في بعض المناطق. فبينما خرج الأساتذة والأطباء والطلبة للمطالبة بحقوقهم، تسللت عناصر إجرامية وشبكات منظمة لتحويل الاحتجاجات إلى أعمال تخريب ونهب. هنا بدا فشل الحكومة مضاعفاً: عجز في الاستباق، وضعف في الاحتواء.

أربع سنوات من الخيبة

اليوم، وبعد مرور أربع سنوات على ولاية أخنوش، تبدو الحصيلة واضحة: غلاء مستمر، بطالة خانقة، فساد متفشٍ، احتجاجات متصاعدة، وفقدان متزايد للثقة في المؤسسات. الشارع أصبح مسرحاً لغضب شعبي عارم، فيما الحكومة لم تجد غير التصريحات المكررة لتبرير إخفاقاتها.

ما بعد الأزمة

الأزمة التي يعيشها المغرب اليوم لا يمكن اختزالها في احتجاجات شبابية أو حملات رقمية. المسؤولية السياسية تقع بالأساس على عاتق الحكومة التي أخفقت في أبسط مهامها: حماية القدرة الشرائية، ضمان العدالة الاجتماعية، وتوفير الأمل. ما يحتاجه المغرب اليوم ليس ترقيعاً أو وعوداً جديدة، بل قرارات شجاعة تعيد الثقة للمواطن وتفتح صفحة إصلاح حقيقي.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.