استقالة غير مسبوقة تهز البرلمان المغربي: النائب التويمي بنجلون يختار صوت الشارع على الانضباط الحزبي
في خطوة غير متوقعة وصفت بأنها سابقة في تاريخ البرلمان المغربي الحديث، أعلن النائب البرلماني محمد التويمي بنجلون، عن حزب الأصالة والمعاصرة، تقديم استقالته الرسمية من مجلس النواب بتاريخ 6 أكتوبر 2025، في ظرف سياسي واجتماعي بالغ الحساسية، يتزامن مع احتجاجات يقودها شباب “جيل زيد” في مختلف المدن المغربية.
الاستقالة التي فاجأت الأوساط السياسية لم تكن مجرد إجراء إداري روتيني، بل جاءت كموقف سياسي وأخلاقي جريء، عبّر من خلاله التويمي بنجلون عن رفضه الصمت إزاء ما اعتبره “تراجعاً في الإنصات للمواطنين وتفاقماً للفجوة بين الشارع والمؤسسات”.
وأكد في رسالته أن قراره “يأتي انسجاماً مع ضمير حيّ ومسؤولية وطنية”، داعياً إلى “مراجعة الأداء الحكومي والبرلماني بما يستجيب لتطلعات المجتمع المغربي”، ومشدداً على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة لا بالشعارات.
وأوضح البرلماني المستقيل أنه أدى مهامه منذ انتخابه سنة 2021 بكل التزام ومسؤولية، غير أنه “اصطدم بواقع يفتقر إلى التفاعل الفعلي مع المطالب الاجتماعية المتزايدة”، الأمر الذي جعله يختار الاستقالة كرسالة صريحة إلى النخب السياسية والحكومة بأن الإصلاح الحقيقي لا يتحقق دون شجاعة الموقف.
وتأتي هذه الخطوة في سياق سياسي يتسم بالاحتقان الاجتماعي والاقتصادي، وسط تزايد الانتقادات لطريقة تدبير الحكومة للأوضاع، وتنامي الشعور بعدم الثقة في جدوى العمل الحزبي والمؤسساتي.
ويرى مراقبون أن استقالة التويمي بنجلون قد تكون بداية تحولات داخل الأحزاب السياسية، خصوصاً داخل حزب الأصالة والمعاصرة، الشريك الرئيسي في التحالف الحكومي، الذي يعيش بدوره اهتزازاً داخلياً وصراعاً صامتاً حول موقعه وأدائه السياسي.
وفي ظل صمت قيادة الحزب عن التعليق على هذه الاستقالة المفاجئة، تُعتبر الخطوة صفعة سياسية مدوية ورسالة إلى الطبقة السياسية بأن المرحلة المقبلة تتطلب شجاعة وصدقاً أكثر من الانضباط الحزبي أو التبرير السياسي.
إنها استقالة بحجم موقف وطني، تضع المؤسسة التشريعية أمام امتحان الثقة والمصداقية، وتفتح الباب أمام نقاش واسع حول دور البرلمان في الاستجابة الحقيقية لصوت الشارع المغربي.
ويبقى السؤال الكبير:
هل تمهد استقالة التويمي بنجلون لانطلاقة مرحلة سياسية جديدة، تُعيد الاعتبار للضمير والمسؤولية داخل العمل الحزبي؟
سؤال مفتوح على مستقبل سياسي لا يحتمل الانتظار.