بين “مقصلة” البيجيدي و”برود” بنسعيد … شريط المهداوي يحول قبة البرلمان إلى حلبة ملاكمة “أخلاقية”
الملاحظ جورنال/ العربي بن البوط
لم تكن جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، نهار اليوم، مجرد تمرين ديمقراطي روتيني لتبادل “اللكمات” الكلامية المعتادة؛ بل تحولت إلى مسرح درامي، بطله “شبح” فيديو مسرب، وضحيتُه أخلاقيات المهنة، والحكمُ فيها وزيرٌ اختار ارتداء قفازات من حرير لصد ضربات معارضة استعملت المطارق الثقيلة.
في الركن الأول من الحلبة، وقف “البيجيدي” مدججاً بأسلحة النقد الثقيل، حيث لم يتردد النائب عبد الصمد حيكر في نصب “مقصلة” سياسية للجنة المؤقتة لتسيير الصحافة.
بلغة لا تعرف المجاملة، اعتبر حيكر أن ما حدث للصحفي حميد المهداوي ليس مجرد خطأ، بل “مجزرة بئيسة” ارتُكبت بدم بارد فوق مذبح هيئة “منتهية الصلاحية” أخلاقياً وقانونياً.
بالنسبة لحيكر، تلك اللجنة تحولت إلى “صنيعة” حكومية، أشبه بكيان “زومبي” سياسي، ماتت شرعيته منذ زمن لكنه لا يزال يلاحق الأحياء ويصدر الأحكام، مطالباً الحكومة بفتح الصندوق الأسود لهذا الفيديو الذي “أساء للوطن” قبل الأشخاص.
في الركن المقابل، اختار المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، تكتيك “الهدوء الأولمبي”. لم ينجر الوزير الشاب إلى حلبة “الدم”، بل فضل التحليق في سماء “المؤسسات”.
فبينما كانت المعارضة تصرخ “فساد”، كان بنسعيد يهمس “مؤسسات”. الوزير اعترف ضمنياً بـ”خشونة” اللعب في الفيديو المسرب، لكنه رفض نسف الملعب بأكمله.
فلسفة بنسعيد كانت واضحة ولعوبة في آن واحد: “الأشخاص زائلون كغيمة صيف، والمؤسسة باقية”. لقد حاول الوزير إقناع النواب بأن الحل ليس في إعدام المجلس الوطني للصحافة، بل في الصبر على “طبخة” القانون الجديد الذي يختمر حالياً في مجلس المستشارين. رسالته كانت مشفرة بذكاء: لا تطلبوا من الحكومة أن تلعب دور “الشرطي” داخل بيت الصحافة المستقل، بل انتظروا صناديق الاقتراع التي ستكنس الغبار وتأتي بنخبة جديدة يختارها الصحفيون أنفسهم.
وبين غضب المعارضة التي ترى في الفيديو دليلاً على “التعفن”، وبرود الحكومة التي تراه “عثرة في طريق طويل”، ظل السؤال معلقاً تحت القبة: هل تكفي وعود “المستقبل الانتخابي” لمحو آثار “فضيحة الحاضر”؟ أم أن شريط المهداوي سيكون المسمار الأخير في نعش “التنظيم الذاتي” بصيغته الحالية؟ الأكيد أن “الفيديو المعلوم” قد خرج من الهاتف، لكن إعادته إلى الظل باتت مستحيلة.