إذا كان من الطبيعي أن يتوجه النقد إلى المجال السياسي والاجتماعي في كل ماله علاقة بتدبير الشأن المحلي والوطني ، فإن ما لم يكن في الحسبان أن يتقدم شخص ينتمي إلى الجسم الإعلامي بمدينة مراكش لتشريح وتقويم الجسم الإعلامي، من خلال ما يمكن تعريفه تجاوزا ملفا، يتغيا فضح وتعرية الواقع الإعلامي بمدينة السبعة رجال بمنظور نقدي بحث يتوخى الكشف عن مفاصل الفساد المستشري في تدبير الشأن المحلي والسياسي باعتبار تلازمهما وتكاملهما في محاكمة الواقع وتوجيهه إن وجهة التصحيح أو جهة المؤاخذة السلسة التي تروم تخليق الميدان الإعلامي .
من المؤكد أن لا احد يرغب في التشهير بالأشخاص، وليس لأحد أن ينصب نفسه مرشدا أو مالكا في ذات الوقت للحقيقة المطلقة، غير أن سورة الواقع وفواره والموسوم بالردة والرداءة والنكوص، يدفع أحيانا تجاه اتخاذ موقف حتى ولو تبدى أن صاحبه غاضب، علة ذلك أن الصدمات التي تتولد باطن المشهد الإعلامي، توجه المتتبع وهو تحت تأثير عدم القدرة على استيعاب الصدمة نحو الاستنجاد بمخيلته على قدر فهمها لميكانزمات تذويب اثر الصدمة للغوص في عمق المشكل لسير اغواره ، وهو فعل عسير التسيير وان هي الا لحظة وجيزة حتى تتحول مشاعر المصدوم إلى ثورة عارمة تأتي على الأخضر واليابس، خاصة وان (أقانيم )الفساد كثر، لا يمكن إنكاره، يكاد تقول للمريب خذوني ، وأمام العجز في تحقيق بارقة إصلاح يتبدى إلى الذهن سؤال عريض وكبير كبر الفساد المستشري في مناحي الحياة الإعلامية، هل يجدي فضح المفسدين وإدانة فسادهم فحسب؟ وهل يمكن توزيع منشور على من يهمهم الأمر من الخاصة والعامة ؟ لتحقيق إجابات تشفي الغليل وتقضي على امتداد بقعة الفساد .
علاج هذه الآفة لا يمكن أن يتحقق على يد غاضب يفتقر الى آليات الدفاع عن آرائه ، بله تملك التوازن المشروط في المعالجة .
نعم،الجرأة المطلوبة في هكذا معالجة،فاليد الواحدة لا تصفق،ولا تفي بغرض استغوار مواطن الفساد،وبالتالي من المحتمل ان تنعكس الجرأة على صاحبها إذا ظل يغني السرب غير مدعو من قوة معنوية تيسر له تجاوز سورته وقلقه .
وقد يتساءل البعض عن الدواعي والأسباب الحريصة على النقد، تبقى العلامة الفارقة في الإعلام خصوصا، هي لجوء من لا عمل له ولا كفاءة معرفية، وأحيانا أصحاب حرف بعيدة عن مهنة المتاعب يتحوزون على بطاقة تخول له الادعاء وزعم الانتماء إلى منبر إعلامي لغاية من الغايات عديمة التلازم .
طبعا، هذا الواقع بما يحمله من مغامرة غير محسوبة العواقب،يولد انطباعا رافضا لواقع الانتهاز والتزييف الذي يمارسه بعض المنتسبين إلى الإعلامي، خاصة وان المعول عليه في الممارسة لذا هذه الشرذمة هو الاسترزاق الذي يبدو مطلبا لحظيا ملحا ليؤول مع مرور الوقت إلى حذق مهارة النصب والتحايل والاستعداد لتقديم خدمات مشبوهة تحت الطلب، مقابل مقدار مادي يتحدد وفق قدرة المراسل ومدى علاقته بالمنبر الذي ينتسب إليه، هكذا وضع سيفرز أباطرة صغار يقدمون الحماية الإعلامية لمن يدفع أكثر بمناسبة أو بغيرها .
والأدهى والأمر في هذه العملية، هو استرزاق الآخر بدعوى تقديم خدمة دون امتلاك عوامل لها، علما بأن من يسيرفي هذا الاتجاه لا علاقة له إلا الخير مع الكتابة والتحرير .
مستنقع الإعلام بدأ يتعمق ويستقطب متطفلين لا يتورعون عن التمترس في مواقع تفضح سلوكه، يراكمون من خلالها أموالا تحولهم إلى ملاك وأصحاب عقارات، دون نسيان مظاهر الأبهة والتميز داخل المجتمع المراكشي، وتبني مبدأ الاعتبارية التي تتغشى مضامين التبدي في صورة إعلامي على الرغم منه .
فواقع الإعلامي حاليا يحتاج إلى نقد ذاتي وموضوعي يتناول الظاهرة بالتحليل الممنهج للكشف عن مكونات الفساد، إذ محاربة هذه الآفة المتمكنة لا تتطلب التشهير، بل لابد من نهج دروب التخليق الإعلامي، وترويض الإعلاميين على الانخراط في دائرة الاصلاح، عبر تنقية المشهد الإعلامي، ومساءلة من يشجع متمجدين لا حظ لهم في الاعلام الا التمجد وإلباس الحق لبوس الباطل .
يقينا إن الإعلام في مراكش يتعرض وبشكل فاصح إلى هجوم فظيع، فظاعة من يحاول تدنيس المقدس في مهنة المتاعب، كما يقدسون المدنس في العمليات السياسية ويحولون أقلامهم للرفع من تخرسات المفسدين، وإظهارهم في صورة تكشف عن وعي شقي يثير السخرية والشفقة في نفس الآن.
إن ما يميز بعض الإعلاميين تلهفهم على ارتكاب المحظور، وإصراره على التماهي مع مظاهر الفساد بكل تجلياته، ضاربين بقيم (النبالة)عرض الحائط والزيغ عن مواجهة خفافيش السياسة، ذلك سلوكهم الذي يكشف عن عمق سريرتهم المهزومة أمام الإغراءات المادية،وعلى الباغي تدور الدوائر