رحم الله زمانا جاد بزعامات من العيار الثقيل،أغلبها ظل بعيدا عن سوق النخاسة السياسية،يحمل على كتفيه هموم الوطن وهموم المواطنين.
فقد كانت الزعامات لا تقاس بالأسماء ولا بالإنتماءات المريضة المستعصية على ممارسة النضال في صيغه الفكرية المشعة والمشبعة بالبذل والعطاء، ونكران الذات في مسلسل البحث عن البدائل الكفيلة باحداث التغيير الحقيقي الخالي من المكرالسياسي،والخداع الانتخاباتي ،والشطحات الحزبية الموغلة في المراهنة على التعتيم لغاية طمس فاعلية الإنتخابات،لا لغاية إستحضار وهجها وألقها.
وفي زمن التردي السياسي الذي يقوم على تحييد مؤشرات النضال في تجلياته التحررية،وإستعاضته بسياسة الإستغفال،والتطاول على مؤشرات التغيير ذاتها،أصبح من الممكن صناعة زعامات قد تكون من قش وقد تكون من ورق،المهم أنها زعامات لا علاقة لها بهموم الشعب بقدر مالها علاقة بالحزبية المتعفنة أو بإستجداء أفكار هي من وحي كل مغتصب،أو متحامل على أعراف المجتمع وأخلاقياته.
فقد أصبحت مهمة مفكرين”متزيعمين”من الدرجة الثالثة في سلم الفكر والسياسة أن يجانبوا المشروعين التاريخي والديني، وأن يتعمدوا الإساءة-وعن سبق إصرار- لمؤشرات وجود وكينونة الشعب الذي ينتمون اليه، يكفيهم أن يتحلوا بالدناءة الفكرية التي تتيح لهم الإنابة عمن عجزوا عن ترويض المغاربة أخلاقياوثقافيا.
كما يكفي لبعضهم أن يتجرؤوا على قداسة المعتقد ليحفروا لهم موقعا يصنفهم ضمن الفكر(الحر)،وماهم بذلك إن هم إلا قطيع ينفد أجندة من يهمهم إستصغار دينية الشعب المغربي وإهانة مؤسساته الفكرية /الدينية التي ظلت بعيدة عن التدنيس ليظهروا في صورة زعامات هشة تقارع طواحين الإنتماء وهوايات التحرر الجنسي، كما ترصد الإساءة إلى المرأة بمحاولاتهم إبعادها عن الينابيع الحنفية الحقيقية التي إستظلت بها على مر العصور.
أن تكون زعيما من ورق أو من قش يعني أن تمتلك القدرة على مناورة المقدس وتحمل معولك لتحدث الشروخ العميقة في الهوية التي ظلت تلتئم تحتها مكونات المجتمع المغربي،بل ليكونوا كذلك تملكوا القدرة على شيطنة المجتمع ومفكريه الحقيقيين بتراهات لا قبل لها بالثقافة والمثاقفة إن هي في نهاية الأمر لا تجسد إلا فكر أصحابها واستعدادهم لتحويل كل مشروع إنساني نبيل إلى “عصيدة “تفضحهم وتفضح مناصريهم.فمن كان يجلس على التبن عليه أن لا يلعب بالنار .