خبراء ومختصون يكشفون اختلالات في تدبير المنظومة الصحية بالمغرب

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

إجماع على ضعف الحكامة، والاختلالات في المنظومة الصحية. كانت هذه السمة المميزة لنقاش حول “فعلية الحق في الصحة كرهان للتنمية”، دار في رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الأحد، في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.

شهد هذا اللقاء مشاركة متدخلين مختصين وخبراء في الطب وتدبير القطاع الصحي، وفاعلين حقوقيين، ناقشوا موضوع الصحة وحقوق الإنسان على ضوء دراسة قام بها المجلس.

حول تجليات الوضع الصحي المغربي، وبلغة الأرقام “القاتلة”، نبّه علي لطفي، رئيس التحالف المغربي لحماية الحق في الصحة، إلى أن “20 في المائة من المغاربة يبيعون ممتلكاتهم من أجل العلاج، ويصبحون فقراء، نظرا لغياب التغطية الصحية الشمولية”. وأضاف أنه “يوميا يموت 15 شخصا بسبب ثلوث البيئة والمياه في المغرب”.

وذكر لطفي أن “أمراض القلب والشرايين تشكل أهم أسباب الوفيات في المغرب بنسبة 39 في المائة”، إلى جانب “12 في المائة من الوفيات بسبب السرطان الناتج عن الأغذية المسمومة بالمبيدات التي أصبحت تستعمل في الفلاحة”.

كما أشار إلى أن “تقارير رسمية في المغرب تقول إن 40 في المائة من المغاربة الذين تتجاوز أعمارهم 15 سنة يعانون اضطرابات نفسية”، بسبب “المخدرات والمآسي الاجتماعية”.

واستنكر رئيس التحالف المغربي لحماية الحق في الصحة استمرار وجود بعض الأمراض الوبائية في المغرب، واعتبر أنه “من العار” أن يسجل المغرب سنويا “37 ألف حالة جديدة بمرض السل”، يموت منها 3000 شخص، في حين “تم القضاء على هذا المرض في بلدان أخرى، ويتم علاجه حتى في حالة ظهوره”.

وشدد علي لطفي في هذا السياق على أنه “لو كانت الوقاية لم نكن لنصل لهذا المستوى”، مؤكدا أن المغرب “تراجع كثيرا عن المقاربة الوقائية لصالح منهجيات المؤسسات الدولية التي تمنحنا ديونا بخصوص قطاع الصحة وتشترط شراء الأجهزة. في حين كان من الممكن توفير هذه الموارد المالية للوقاية وحماية المواطنين من الأمراض القاتلة”.

الطيب حمضي، دكتور في الطب باحث في السياسات والنظم الصحية، أكد من جانبه على عنصر “الوقاية الذي لا يعتبر من اختصاص قطاع الصحة لوحدها، بل تتدخل فيه محددات وقطاعات أخرى”، وقلب إن “تحسين وضعية الصحة في المغرب مرتبط بقطاعات أخرى”.

وفي السياق نفسه، ذكر حمضي أن “الحق في الصحة مرتبط بالمحددات الاجتماعية للصحة، كالتعليم والتغذية السليمة والسكن السليم. وإذا لم يتم ربط هذه المحددات بالصحة، معناه أننا نشتغل بمنطق تقني محض، وبالتالي لن ننجح في مشروعنا الخاص بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية”، مع التأكيد على ضرورة “إصلاح المنظومة الصحية ليس كقطاع معزول، لأنها مشكل يخص جميع القطاعات ومختلف مكونات المجتمع”.

نادية بالقاري، خبيرة في تدبير القطاع الصحي، طالبت في هذا الشأن بإنشاء “هيئة عليا لها سلطة القرار للجمع بين القطاعات المكلفة والمعنية بضمان الحق في الصحة في شموليته”؛ لأنه “توجد عدة تأخيرات تدخل في اختصاصات قطاعات أخرى هي التي تؤدي إلى تفاقم مشاكل المنظومة الصحية بالمغرب”.

وتحدثت بالقاري عن وجود اختلالات في المستشفيات، وقفت عليها من خلال عملها الميداني، تتعلق أساسا بمشكل الحكامة.

وبهذا الخصوص، قال الطيب حمضي: “لا يجب الانتظار حتى تتوفر جميع الظروف والإمكانيات المالية والبشرية من أجل استفادة المواطن من الحق في الصحة، بل يجب تمكينه من حقه في الصحة في ظل الشروط والإمكانيات المتوفرة حاليا. من خلال الحكامة الجيدة والوقوف على الاختلالات التي يمكن معالجتها من اليوم”.

وأضاف: “لا يكفي تعميم التغطية الصحية دون الوقوف على عمق الاختلالات المتعلقة بالحكامة في القطاع الصحي، والعمل على تحقيق العدالة المجالية والترابية والإنصاف على مستوى الولوج للحق في الصحة بالمغرب”.

وفي ختام حديثه، شدد علي لطفي على “ضرورة إصلاح المنظومة الصحية باعتماد نظرة متجددة وشمولية تضع المواطن المغربي في قلب هذه الإصلاحات”.

وأردف قائلا إن “الاقتراحات التي جاء بها المجلس في تقريره الموضوعاتي شاملة وواسعة، أهمها العودة إلى الوقاية والحد من تنفيذ إملاءات المؤسسات الدولية، بما يحقق السيادة الصحية للمغرب”.

ثم أجمل بأن على “صناع القرار السياسي أن يتبنوا هذه التقارير، ويفكروا في مستقبل صحة المواطن المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *