الإنتخابات التشريعية 2026 والوعود الوهمية المعسولة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية 2026، يعود جدل الوعود المعسولة التي يطلقها رؤساء المجالس الجماعية، الذين يترشحون أو يدعمون برلمانيين، وذلك دون تحقيق ولو جزء صغير من هذه الوعود، بسبب غياب الواقعية و الدراسة المسبقة للميزانيات التي تتطلبها المشاريع والإكراهات والمعيقات الميدانية، ناهيك عن إهمال تنمية المداخيل والتهاون في جمع الضرائب ومستحقات الجماعات، والاستغلال الانتخابوي لقرارات الإعفاء الضريبي وتعثر الإجراءات القانونية ضد من يرفض أو يتأخر في دفع الضرائب.

وبدون تعزيز مداخيل ميزانية الجماعات الترابية، لا يمكن تحقيق وعود التنمية والتشغيل، لأن كل برامج العمل تصبح مجرد تصاميم وحبر على ورق، في ظل العجز عن التمويل الضروري لتنفيذ مشاريع تجويد الخدمات العمومية، وتوسيع وتجهيز البنيات التحتية لتواكب التوسع العمراني، عوض العجز التام عن توسيع شبكات الكهرباء والماء والتطهير السائل والطرق والاستنجاد بعدها بدعم وزارة الداخلية بعد ارتفاع نسبة الاحتجاجات والاحتقان الاجتماعي والمطالبة بالخدمات الضرورية للحياة وضمان الحد الأدنى من العيش الكريم بالوسط الحضري.

إن إنجاز برامج عمل متوازنة بالجماعات الترابية يقتضي الانطلاق من الواقع المعاش بهدف معالجة المشاكل المتراكمة وتجاوز فشل المجالس المتعاقبة دون عودة إلى اللوم والتشكي، وتقديم مشاريع قابلة للتنفيذ خلال الولاية الانتخابية يلمسها المواطن في حياته اليومية، وتشكل تغييرا حقيقيا بتراب الجماعة المعنية، عوض صراعات الديكة داخل المجالس على برامج عمل تبقى صورية وبعيدة عن الواقع ولا يمكن تنزيلها لعجز الميزانية والغرق في ديون التدبير المفوض وتعويضات نزع الملكية والمصاريف الإلزامية.

يجب أن يكون التنافس بين الأحزاب السياسية خلال المحطات الانتخابية المقبلة، حول برامج واقعية ومدى الصدق في التعهدات والوعود التي يجب أن يلمسها المواطن في جودة الحياة، وليس إعداد البرامج الحزبية بمشاريع منفوخة يستحيل تنزيلها لكلفتها المالية وعجز ميزانية المجالس، كما توزيع الوعود المعسولة التي تتعارض والمعطيات التقنية والأولويات في السياسات العمومية.

ولمن يبحث في أسباب العزوف السياسي بالمغرب، فإن من أبرزها تورط الأحزاب السياسية في إطلاق الوعود الانتخابية المعسولة وممثلوها أول من يعرف بعدم القدرة على تنفيذ المشاريع بسبب غياب التمويل، ما يساهم في فقدان الثقة في المنتخبين، ويزيد من اتساع الهوة بين الناخب والمؤسسات المنتخبة، والفتور في تتبع قضايا الشأن العام المحلي ومراقبة طرق صرف المال العام.

وفي إطار التشجيع على مشاركة الشباب في العملية السياسية، وانخراطه في بناء حلم مغرب 2030، تبرز الحاجة الملحة لمراقبة الوعود والبرامج الانتخابية التي تتقدم بها الأحزاب السياسية، ودعوة ممثلي الأحزاب لتجنب النفخ في الوعود بشكل مبالغ فيه، فضلا عن الأخذ بعين الاعتبار رفض الشباب لتكرار أسطوانة الإكراهات والمعيقات وإرث المجالس السابقة في تنفيذ الوعود، لأن ذلك لا يعني المواطن الذي ينتظر تحسين جودة عيشه وتجويد الخدمات العمومية في شيء.

وختاما، يجب أن لا نغفل أن هناك وعودا لا تتطلب إمكانيات أو اعتمادات مالية ولا ميزانيات، وهي وعود التزام الشفافية والنزاهة وتخليق الحياة العامة وبذل المجهود لتحسين مستوى عيش المواطنين بنكران للذات وخدمة الصالح العام بالدرجة الأولى ومحاربة الفساد، هذه الوعود هي جوهر تحمل المسؤولية لكن يتم التنصل منها للأسف مباشرة بعد تسلم المنصب الحكومي أو التمثيلي على صعيد الجهات والجماعات الترابية، بحيث تتحول الصلاحيات خلال المدة الانتدابية لخدمة المصالح الشخصية والأهل والأقارب واستغلال سلطة التوقيع وجمع أكبر قدر من المال بمنطق “الهمزة” وأنا ومن بعدي الطوفان، وهو الشيء الذي يفرمل انطلاق قطار التنمية ويخفض من سرعته التي ينادي بها الجميع على رأسهم ملك البلاد.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.