نحو قانون جديد للصحافة ..بين ضغط الجسم المهني وتحديات الإصلاح التشريعي

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في سياق تزايد الانتقادات الموجهة إلى الحكومة بشأن وضعية قطاع الصحافة، كشف محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، خلال جلسة الأسئلة الشفهية المنعقدة يوم الإثنين 26 ماي 2025 بمجلس النواب، عن اقتراب إحالة مشروع قانون جديد ينظم قطاع الصحافة على المؤسسة التشريعية. وجاء هذا الإعلان في ظل موجة من الانتقادات اللاذعة التي وجهها نواب من مختلف الفرق البرلمانية إلى الوزير، معتبرين أن القطاع يعيش أزمة بنيوية عميقة تستوجب إصلاحات جذرية.

أزمة ثقة وتنظيم ذاتي معطل

تعددت مداخلات البرلمانيين لتؤكد وجود ما وصفوه بـ”الفراغ المؤسساتي” في تدبير المشهد الإعلامي، وخاصة فيما يتعلق بوضعية المجلس الوطني للصحافة، الذي تم تعويضه بلجنة مؤقتة وسط تشكيك واسع في جدوى هذا الإجراء. ووصفت النائبة لبنى الصفريوي، عن فريق التقدم والاشتراكية، هذا القرار بـ”النكسة الكارثية” التي تمس بمبدأ التنظيم الذاتي وتكرّس منطق التعيين على حساب الانتخاب، مما يهدد استقلالية الهيئة المهنية، ويقوض أسس الحكامة الديمقراطية في القطاع.

كما اعتبر رشيد حموني، رئيس الفريق ذاته، أن “غياب انتخابات المجلس الوطني للصحافة أضعف الثقة في المؤسسات المهنية”، مضيفاً أن اللجنة المؤقتة فشلت في بلورة تصور إصلاحي واضح، في ظل ضيق الزمن التشريعي، وهو ما يعمّق الإحساس بالارتباك داخل الوسط الإعلامي.

مخاوف من التضييق وعدم الإنصاف

من جهتها، عبّرت نعيمة الفتحاوي، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عن رفضها لما اعتبرته “هيمنة حكومية على مسارات التنظيم الذاتي”، مشيرة إلى استمرار العمل بمقتضيات القانون الجنائي في متابعة الصحافيين، وغياب آلية شفافة في توزيع الدعم العمومي، الذي – حسب قولها – يستثني المقاولات الصغرى ويعاقب الصحافيين المستقلين. كما تساءلت عن الجهة المخولة فعلياً بمنح وسحب بطائق الصحافة، في ظل غياب الوضوح المؤسسي.

رد الوزارة: مسار تشريعي قيد الاستكمال

في معرض رده على المداخلات، نفى الوزير بنسعيد تدخل وزارته في منح بطائق الصحافة، مؤكداً أن هذه الصلاحية ظلت حصرياً بيد المجلس الوطني للصحافة منذ سنة 2018. وبخصوص الدعم العمومي، أوضح أن “توجيه الدعم يتم اليوم لفائدة الصحافيين مباشرة وليس للمؤسسات، عبر لجنة خاصة تضمن مزيداً من الشفافية”، مضيفاً أن الصيغة الجديدة للدعم جاءت استجابة للتحولات التي يعرفها المشهد الإعلامي.

كما أكد الوزير أن مشروع القانون الجديد للصحافة يوجد في مراحله الأخيرة داخل الحكومة، وأنه سيُحال قريباً على البرلمان بغرفتيه. وأبرز أن الوزارة أجرت مشاورات موسعة مع مختلف مكونات القطاع، لكن تعذر الوصول إلى توافق شامل دفعها إلى تكليف المجلس الوطني للصحافة بإنجاز تشخيص شامل لوضعية المهنة.

خلاصات واستشراف

رغم تأكيد الوزارة على قرب صدور الإطار التشريعي الجديد، فإن الشكوك ما تزال قائمة حول مدى قدرته على معالجة التحديات الهيكلية التي تواجه قطاع الصحافة في المغرب، لا سيما في ما يتعلق بإشكالية التنظيم الذاتي، واستقلالية القرار المهني، وشفافية الدعم، وضمان حرية الممارسة الإعلامية.

ويبدو أن نجاح هذا الإصلاح التشريعي المرتقب سيظل رهيناً بمدى إشراك الصحافيين وممثليهم الحقيقيين في بلورة مضامينه، واستحضار التوازن بين تنظيم المهنة وضمان حرية التعبير. وإلى حين ذلك، يبقى الجسم الصحفي في ترقب وحذر، بانتظار قانون قد يرسم ملامح مستقبل الصحافة المغربية في السنوات القادمة.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.