زلزال سياسي داخل الأصالة والمعاصرة بسبب مستجدات القانون الانتخابي

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تعيش القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة على وقع ارتباك غير مسبوق بعد شروعها في البحث عن مرشحين بدلاء لعدد من برلمانييها المتابعين في ملفات فساد. فالقانون التنظيمي الجديد لمجلس النواب، الذي صادق عليه المجلس الوزاري وأحالته الحكومة على البرلمان، يحمل بين طياته تغييرا عميقا في قواعد اللعبة السياسية، إذ يمنع كل من صدر في حقه حكم ابتدائي في جناية أو حكم استئنافي في قضايا الفساد المالي من الترشح مستقبلا.

هذا المقتضى القانوني لا يستهدف شخصيات بعينها بقدر ما يعيد رسم خريطة المسؤولية السياسية ويضع حدا لظاهرة الإفلات من المحاسبة التي ظلت لسنوات تفرغ الشعارات من معناها. غير أن حزب الأصالة والمعاصرة سيكون في مقدمة المتأثرين، بما أن مصادر متطابقة تؤكد أن ما يقارب خمسة وعشرين برلمانيا من الحزب يوجدون في وضعية قانونية حرجة، بعضهم صدرت في حقه أحكام ابتدائية أو استئنافية، وآخرون لا يزالون متابعين في ملفات ثقيلة.

تأثير هذا الوضع يتجاوز البعد العددي للتمثيلية البرلمانية، ليمس البنية الداخلية للحزب التي قامت على توازنات بين أعيان محليين وأطر تكنوقراطية وأعضاء جدد تم استقطابهم في فترات التوسع. فاستبعاد هذا العدد من البرلمانيين سيحدث فراغا تنظيميا في عدد من الدوائر الانتخابية التي كانت محسوبة على الحزب، وسيجبر القيادة على خوض سباق مع الزمن لإيجاد وجوه جديدة قادرة على الحفاظ على المقاعد التي يتهددها السقوط.

كما أن هذه التطورات قد تعمق التوترات الداخلية بين تيارات الحزب، خاصة بين الجيل القديم الذي يهيمن على المجالس المنتخبة، وبين الأصوات التي ظلت تطالب بتجديد النخب وربط المسؤولية بالمحاسبة. فالقانون الجديد يمنح هذه الأخيرة ذريعة قوية للدفع باتجاه تغيير جذري في أسلوب تدبير الترشيحات وتوزيع المسؤوليات.

من جهة أخرى، قد يجد الحزب نفسه أمام فرصة لإعادة بناء صورته أمام الرأي العام، إذا ما تعامل مع هذه الموجة بروح الإصلاح واستثمرها لإعلان قطيعة حقيقية مع الممارسات التي لطخت سمعته في بعض الجهات. لكن التجارب السابقة تجعل هذا السيناريو رهينا بمدى استعداد القيادة لتحمل الكلفة السياسية لعملية التطهير الداخلي، دون الاكتفاء بحلول ترقيعية.

في المحصلة، يبدو أن القانون الجديد سيكون بمثابة اختبار حقيقي لقدرة حزب الأصالة والمعاصرة على التحول من حزب انتخابي قائم على النفوذ المحلي إلى قوة سياسية مؤسساتية تعول على الكفاءة والنزاهة. فإما أن ينجح في التكيّف مع مرحلة الشفافية والمساءلة، أو يتراجع إلى الصفوف الخلفية في مشهد سياسي مغربي بدأ يتحرر تدريجيا من هيمنة المال والزبونية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.