محمد كنون*
أمران اثنان يستدعيان اهتمام المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب. أولهما، هاجس رفع نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة بكل الوسائل المتاحة، بعد استشعار الدولة فتور حماس المجتمع، خاصة عند الشباب، و ثانيهما، جشع و تنافس الأحزاب السياسية على إيجاد مرشحين مستوردين من خارج بنياتها الحزبية، بشروط دنيا كفاءة و تعاقدا، لكنهم قادرين نظريا على الحصول على المناصب في المؤسسات المنتخبة كفضاء للمارسة سيادة الأمة بطرقهم الخاصة، و لو باستعمال الغش و المال الفاسد.
و للتحكم نظريا في الخريطة السياسية المفترضة، قامت الدولة بتزيين الواجهة السياسية بإجرائين أساسين: أولها، معالجة إشكال المشاركة السياسية بتغيير النظام الانتخابي بإدخال القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، بدل احتساب توزيع المقاعد على أساس المشاركة الفعلية في الانتخابات. و ثانيهما، غظ الطرف عن مفسدي العمليات الانتخابية الذين يوزعون المال الحرام و المكافٱت في واضحة النهار بدون أي حرج، كما أن التصويت تحول إلى بضاعة كباقي البضائع تباع في سوق النخاسة السياسية.
إن هذا النمط الانتخابي الجديد يضرب في الصميم الاختيار الحر للمواطنين، سواء تعلق الأمر بالمشاركة أو بالمقاطعة من جهة، و يضعف المؤسسات المنتخبة التي ستتحول إلى تجمع بشري من كل الألوان السياسية بدون بصمات سياسية للأحزاب، من جهة أخرى، و هذا بدوره سيؤدي إلى هيكلة حكومة من أحزاب بدون قواسم مشتركة سياسيا و لا برامجيا، مما سيفتح الأبواب موشعة للتقنوقراط لهيكلة الحكومة المقبلة ما دام مشتل الكفاءات نظريا (البرلمان) يفتقد لهذه الشريحة من الأطر الكفأة.
* عضو سابق في المجلس الوطني و اللجنة الإدارية الوطنية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية