“دعم الإرهاب” يزيد ورطة الجزائر ويكشف قناع عقيدة “العدوان الدبلوماسي” لنظام العسكر

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في تطور متسارع للأزمة المتصاعدة بين الجزائر ودول الساحل الإفريقي، دخل الخلاف منعطفًا خطيرًا، بعد أن أعلنت كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر عن استدعاء سفرائها من الجزائر للتشاور، على خلفية إسقاط طائرة مسيرة مالية.

وقد أثار الحادث موجة استياء “غير مسبوقة” من الجانب المالي، الذي وجه اتهامات مباشرة للجزائر بتوفير “قاعدة خلفية للجماعات الإرهابية”، واعتبر ذلك “عملاً عدوانيًا يستهدف حماية أتباع إرهابيين”.

في هذا السياق، قال الباحث في العلاقات الدولية، عبد الله الهندي، إن هذه الحادثة إن صحّت، “تمثل تطورا سلبيا في علاقات الجوار بين دول الساحل والجزائر، وقد ينظر لها، بشكل جلي، من قبل دول الساحل على أنها تحول في عقيدة السياسة الخارجية الجزائرية من خطاب التضامن والتعاون إلى ممارسات عدوانية ميدانية، تؤسس لمبدأ ‘العدوان الوقائي، بغطاء دبلوماسي هش، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات “غير مسبوقة” في منطقة الساحل، التي تعاني أصلًا من هشاشة أمنية معقدة”.

وأضاف الهندي في تصريح  لجريدة “العمق المغربي”، أن “استدعاء سفراء مالي وبوركينا فاسو والنيجر للتشاور، وهو إجراء دبلوماسي غير مألوف بين دول متجاورة، يعكس حجم الغضب والاستياء من السلوك الجزائري الذي بات ينظر إليه من قبل هذه الدول كعامل تهديد للاستقرار الإقليمي. ففي الوقت الذي كان ينتظر من الجزائر أن تقوم بدور الوسيط الإيجابي، دخلت في مواجهة مفتوحة مع دولة ذات سيادة”.

وأكد الباحث أن “بيان مالي لم يكتف باتهام الجزائر بإسقاط الطائرة، بل وجه اتهامات أخطر تتعلق بتوفير “قاعدة خلفية للجماعات الإرهابية”، وهو ما يشكل، إن ثبت، “خرقًا جسيمًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويفتح الباب أمام تدويل الملف عبر اللجوء إلى آليات المساءلة الدولية”، مشيرا إلى  أن الاتهام المالي يشير إلى تورط محتمل في دعم مباشر أو غير مباشر للعنف العابر للحدود، وهو ما يجب أن يثير قلق المجتمع الدولي”.

ويرى الباحث في العلاقلات الدولية، أن “التحول المعلن في موقف مالي، عبر الانسحاب من لجنة الأركان المشتركة مع الجزائر وتقديم شكاية أمام المنظمات الدولية، ليس فقط ردًا على حادثة الطائرة، بل هو تعبير عن تراكم فقدان الثقة في النوايا الجزائرية، التي بدت، في السنوات الأخيرة، متأرجحة بين خطاب رسمي يدعو إلى السلم، وممارسات ميدانية تشي بالعكس تمامًا. هذا الفصام الدبلوماسي بات يضع الجزائر في موقع المتهم الإقليمي”.

وأشار الهندي إلى أن “الجزائر، التي تبرر فعلها بـ’”خرق المجال الجوي”، لم تدرك حساسية اللحظة ولا تداعيات التصعيد العسكري على حدود ملتهبة أصلًا، خصوصًا في ظل تنامي التعاون بين دول الساحل في إطار تحالف ليبتكو. فبدل أن تسهم الجزائر في خلق بيئة تعاون أمنية، تحولت بفعل قراراتها المنفردة إلى عنصر توتير متزايد، في لحظة جيوسياسية تتطلب أقصى درجات ضبط النفس”.

وحذر الباحث من خطورة ما وصفه وزير أمن مالي بـ”العدوان لحماية أتباع النظام الإرهابيين”، مؤكدا أنه “يجب أن يؤخذ بمنتهى الجدية، لأننا أمام تحوّل خطير في الخطاب السياسي لدول الساحل تجاه الجزائر، بما يعني أن عقيدة ‘العدوان الدبلوماسي’ التي أصبحت سمة السياسة الجزائرية تعرضها لعزلة إقليمية غير مسبوقة، وتفقدها ما تبقى من رصيدها الرمزي في إفريقيا. وعليه، فإن استمر هذا النهج، فإن مستقبل الدور الجزائري في المنطقة لن يكون سوى مزيد من العزلة والارتياب”.

من جانبها أعربت الحكومة الجزائرية عن استنكارها الشديد للاتهامات التي وجهتها الحكومة الانتقالية في مالي، إثر حادثة إسقاط الطائرة المسيرة بالقرب من الحدود الجزائرية. وجاء ذلك في بيان رسمي صادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، الذي شدد على رفضها الكامل لهذه الاتهامات، معتبرة إياها محاولات فاشلة لصرف الأنظار عن الفشل السياسي والأمني للسلطات الانقلابية في مالي.

وتعود تفاصيل الحادث إلى مطلع أبريل الجاري، حيث أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن إسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش المالي اخترقت المجال الجوي الجزائري بالقرب من مدينة تنزواتين الحدودية. وأكدت الجزائر في بيانها أن الطائرة كانت قد دخلت المجال الجوي الجزائري، متجاوزة الحدود بنحو 1.6 كم، قبل أن يتم إسقاطها بعد مخالفتها للقوانين الدولية.

ونفت القوات المسلحة المالية (FAMa) هذه الاتهامات، مؤكدة أن الطائرة تحطمت نتيجة عطل فني أثناء مهمة روتينية بالقرب من منطقة كيدال، ورفضت وجود أي تدخل خارجي في الحادث. وقدمت الحكومة المالية شكوى رسمية، قائلة إن الجزائر شنت “اعتداءً” ضد مالي، وأن ذلك يتناقض مع تاريخ دعم الجزائر للكفاح المالي ضد الاستعمار الفرنسي.

واعتبرت الجزائر هذه “المزاعم” بمثابة محاولة “يائسة” من الحكومة المالية لتغطية فشلها المستمر في معالجة الأوضاع الأمنية في البلاد، مشيرة إلى أن تلك المحاولات لا تتعدى كونها “إدعاءات باطلة” تهدف إلى إلقاء اللوم على الجزائر في فشل المشروع الانقلابي الذي أدخل في دوامة العنف والدمار.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.