نحو إدارة رقمية أكثر شفافية… المغرب يسير بثبات في تعميم الأداء الإلكتروني
يسجّل المغرب تقدمًا ملحوظًا في مسار التحول الرقمي، لا سيما في ما يخص تحديث المنظومة المالية واعتماد وسائل الدفع الإلكتروني كبديل عملي وآمن عن المعاملات النقدية. هذا التوجه لم يعد مجرد خطة إصلاحية على الورق، بل أصبح ملموسًا في الحياة اليومية للفاعلين الاقتصاديين، حيث تشهد أجهزة الدفع الإلكترونية المعروفة بـ“TPE” انتشارًا واسعًا داخل المتاجر والمقاولات.
ويأتي هذا الانتشار كترجمة فعلية لسياسات عمومية تروم بناء بنية مالية حديثة، تواكب المعايير الدولية وتُسهم في خلق بيئة أكثر كفاءة وشفافية، سواء في القطاع الخاص أو داخل المرافق العمومية. فاعتماد الأداء الإلكتروني يتيح مراقبة دقيقة للمعاملات المالية، ويحد من التهرب والفساد، كما يُسهّل تقديم الخدمات للمواطنين.
ومع تنامي هذا الزخم الرقمي، اتسع النقاش ليطال مجالات ما تزال تعتمد بشكل كبير على الأداء النقدي، ومن بينها مجال الغرامات المرورية. في هذا الصدد، برزت دعوات إلى اعتماد أجهزة الأداء الإلكتروني من طرف رجال الشرطة والدرك، لتسهيل استخلاص الغرامات مباشرة وبشكل فوري وآمن.
النائبة البرلمانية نادية بزندفة، عن حزب الأصالة والمعاصرة، وجهت سؤالًا شفهيًا لوزير الداخلية، دعت فيه إلى تزويد رجال الأمن والدرك بأجهزة “TPE”، معتبرة أن هذا الإجراء سيُبسط حياة المواطنين، ويعزز الشفافية في المعاملات، ويختصر الزمن والإجراءات المرتبطة بالأداء التقليدي للغرامات.
وترى البرلمانية أن اعتماد هذه التقنية سيساعد في تقليص حجم الديون غير المستخلصة، ويعزز الإدارة الرقمية، كما يرسّخ علاقة أكثر احترافية وثقة بين المواطن والإدارة، خصوصًا وأن الأجهزة نفسها تُستخدم حاليًا في عدد من المعاملات الإدارية والرسوم العمومية بنجاح كبير.
هذا المقترح يندرج في سياق التحول الرقمي الذي تعرفه المملكة، عبر برامج وطنية طموحة تروم رقمنة الخدمات وتسهيل ولوج المواطن إلى الإدارة دون عراقيل بيروقراطية. وتُعد الغرامات المرورية إحدى المعاملات المتكررة التي تتطلب معالجة ذكية وسريعة، خاصة في ظل الحاجة إلى تخفيف الضغط عن رجال الأمن والمواطنين على حد سواء.
ورغم أن تعميم هذه الوسيلة قد يستدعي تجهيزًا لوجستيًا وتكوينًا ميدانيًا، إلا أن مكاسبها المحتملة، سواء على مستوى الحكامة المالية أو تعزيز ثقة المواطن، تجعل من المشروع خطوة مهمة نحو بناء إدارة رقمية فعالة، تحاكي النماذج المتقدمة في هذا المجال، وتُرسخ التحول من الدولة الورقية إلى الدولة الذكية.