لا يمكن النفي قطعا المثابرة والجدية اللتين اكترث بهما الإصلاح القضائي على منطقة النفوذ الترابي للمحكمة الإبتدائية لمراكش، في تنزيل الإستراتيجية الوطنية للإصلاح القضائي، ووجدت عمقها (الإستراتيجية) في الخطب السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وركزت منذ السنة 2003 على تكثيف المناولة المفاهيمية، الحادة والشديدة في أفق التأسيس لتصور الإصلاح من قبيل مفاهيم {التأهيل- التحديث- الإصلاحات الجوهرية}، وانتهت إلى علياء جوهر التصور للإصلاح في خطاب العرش المولوي للعام 2013، بحيث يعد خطاب جلالته المتوالية الدالة على الإهتمام الملكي بالإصلاح العميق للقضاء عبر التركيز على مبدإ الإستقلالية، سيما، بعد توصل النقاش الذي دار حول إصلاح القضاء بالمملكة وشاركت فيه مختلف المكونات الوطنية، إلى ميثاق وطني، مؤسس لنجاعة قضائية بمكونات أجهزتها من خلال ستة توجهات كبرى، تضطلع في إطار التفعيل لأهدافها النيابة العامة بدور مركزي، باعتبار الأدوار المسنودة للجهاز، والمتراوحة بين النيابة عن المجتمع أو الدولة في القضايا الجنائية باسم جلالة الملك، والدور الزجري، والمتابعة والطعن، والتدخل المدني والدفاع عن النظام الإقتصادي العام والإجتماعي والتجاري، وتحريك الدعاوى و متابعتها على مستويي مراقبة الحسابات وقضايا التأديب المالي.
غير أن اكتمال الدورة الإصلاحية للمنظومة القضائية لا تزال ترافقها إكراهات التحقيق الشامل لتصور الإصلاح، على مستوى النفوذ الترابي لذات المحكمة، باعتبار مقدمات التوجه السادس من الميثاق الوطني لإصلاح منظومة القضاء، والذي يرتفع بإجراء “التشخيص” الذي تأكد من إعماله بأن ترجمة المهام مشروط بتأهيل بنى العمل التحتية على اعتبارها بدء في النهوض بالإصلاح في أفق تحقيق الأهداف وبلورتها على مستوى العلاقة بين هذه النيابة العامة والمهام الموكولة لها، والعلاقة بالمواطن وتقريب الإدارة، وتجويد التعامل القضائي مع القضايا المطروحة، وإذ يظل التقريب للخدمات من أساسيات الإصلاح، وهذه الأساسية متصل توفرها، حصولها، ادخارها بالبنية الإنشائية للملاحق القضائية، تخفيفا للضغط على المحكمة الإبتدائية بمراكش بحكم اتساع منطقة النفوذ القضائي لذات المحكمة التي تعرف رائجا كبيرا للقضايا من تأثيراته المباشرة على التصفية للملفات، تسجيل ما يعرف قضائيا (المخلف)، هذا الإتساع بحسب المعلومات التي تلقتها جريدة الملاحظ جورنال عن المصدر، يشمل مجموعة كبيرة من الدوائر الأمنية (23 )، و الشرطة القضائية (5)، والفرقة الجهوية، ومصالح حوادث السير (4)، وسريات الدرك الملكي (26)، وبالتالي أن توجيه المنجز من العمل لهذه الدوائر نحو ابتدائية مراكش يكون سببا وجيها لتبرير إكراهات عدم بلوغ الإصلاح للمنظومة القضائية درجة الإكتمال، وأيضا أن الإنشاء للملاحق القضائية، أو محاكم ابتدائية بعمالات أقاليم الجهة التي لا تزال توجه أجهزتها الأمنية مختلف قضاياها نحو قضاء مراكش (عمالة إقليم تحناوت مثلا)، من شأنه أن يرفع من الضغط ويجعل معدل المنجز من الرائج من القضايا يقترب أكثر من تحقيق التصفية للقضايا بنسبة أزيد من النسب المسجلة في تشخيص 2014، ثم أن المنفعة الأخرى تخفيف كلفة التنقل وتسريع الإنجاز لوثائق المواطن القضائية (السجل العدلي مثلا)، وذلك في إطار التفعيل الحقيقي لخدمة تقريب الإدارة من المواطن، حيث تسجل معاناة متنقلين من (زرقطن- إجوكاك – اغبار_ إيك في الحدود مع تارودانت- توامة- تازارت توفليحت- أيت فاسكا) مع التحصل على هذه الوثيقة القضائية.
إذا، وفي هذا السياق، تنبري البنية الإنشائية، تبقى وتظل مكونا أساسيا في تحضير الإصلاح العميق لمنظومة القضاء، وإذ ضمن بلوغ هذا الهدف، كان من المنتظر والمتوقع أن يبادر العمل في إطار الإصلاح القضائي، واستنادا إلى المعلومات المتوفرة للجريدة، الشروع في يناير 2021 بناء محكمة ابتدائية بعمالة إقليم تحناوت، وهو المشروع الذي يقول المصدر قد تم بتوقيفه، وتوجيه إعلام في موضوع التوقيف للمشروع إلى المقاولة التي كانت ستنجز المشروع، دون ذكر تفاصيل، هل هو تخلي كامل عن إنشاء هذه المحكمة؟، أم هو إرجاء؟، وإلى ماذا يعود القرار، هل هو لأسباب تقنية؟، أو لترتيبات إدارية؟، يطرح ذلك أمام أن الإصلاح مجزوم بأمره مقطوع فيه بجميع أوصافه وصفاته وهيئة تنزيله، ذلك، أن ما يرومه من أهداف قضائية، إنسانية وإدارية أيضا لا محالة أنه آخذ في البلورة والتقدم بغاياته التي تؤكد في ذات السياق على الإنتفاع من المنشئات المتعلقة بالقاضي المقيم، حيث تفيد المعلومات التي تلقتها الجريدة في شأن الموضوع، العطالة التي توجد عليها منشأة القاضي المقيم بأيت أورير، والتي لم تشرع في العمل منذ انتهاء الأشغال بها، وتؤكد نفس المعلومات كونها تتصف بمواصفات ومؤهلات بنيوية كفيلة أن تدمجها وتعلنها محكمة، ثم علاوة على ذلك، عدم الإستفادة من خدمات الدائرة الأمنية القائمة بذات الباشوية أيت أورير، والتي تظل متوقفة عن العمل منذ إنشاؤها في السنة 2008؛ بحسب نفس المعلومات التي أمكنت القول، بأن تضخم عدد القضايا وتراكمها، والإكتظاظ الشديد داخل المكاتب، والصعوبة في الإستجابة لطلبات المتقاضين والمرتفقين وفي تقديم الخدمة، ثم غياب المعالجة المعلوماتية للكثير من الإجراءات، عناصر تحجب العمل المبذول في مضمون وجوهر الإصلاح الذي سيحقق علامته الكاملة بالإنشاء للمقار التي بدعم المورد البشري يتم التجاوز للعثرات طبق نص المرجعية للإصلاح العميق لمنظومة القضاء، كما يؤلفها خطاب العرش للعام 2013 .