الحسن بنبل: مكة المكرمة
إن توجيهات جلالة الملك محمد السادس نصره الله واضحة بخصوص إيلاء الحجاج المغاربة ما يستحقونه من الرعاية والاهتمام من قبل كل المكلفين بشؤون الحج، وعلى كافة المستويات. غير إن بعض التصرفات السيئة تظل حاضرة، ولا يريد أصحابها تغيير عاداتهم المؤذية للعباد حتى وهم في الديار المقدسة.
ذلك ما تشهد عليه الوضعية بالمركز الصحي التابع للبعثة المغربية للحج بمكة المكرمة، والموجود بفندق”نوازري وثير” الذي يعرف ازدحاما وارتباكا وفوضى،كلها ناتجة عن اللامبالاة بحالة العديد من الحجاج المرضى والمسنين. ففي يوم السبت 27/09/2015 ،على الساعة العاشرة صباحا، بلغ عدد المرضى الذين ينتظرون دورهم لإجراء فحص طبي أزيد من 70مريضا، جلهم مسنون، 80% منهم مصابون بضربة شمس أو بزكام جراء التنقل بين الغرف المكيفة والخارج المرتفع الحرارة، هذا مع العلم أن فندق”نوازري وثير” يؤوي وحده أكثر من 1400حاج مغربي، 480 منهم ينتمون لجهة مكناس تافيلالت.
ولا يتوفر هذا المركز رغم هذا العدد الكبير من الحجاج إلا على طبيبين مناوبين وممرضة واحدة في غياب تام لمن يسهر على تنظيم عملية الدخول لإجراء الفحص حسب الدور والأسبقية، وهو ما يؤدي إلى حدوث فوضى عارمة ، ومشادات كلامية، ورغم محاولات بعض المتطوعين من المرضى أخذ مبادرة تنظيم الدخول للفحص بوضع أرقام متسلسلة على قطع صغيرة من أوراق كانوا يحملونها معهم، ويوزعونها على المرضى حسب الدور، فإن ذلك لم يحل دون استمرار الفوضى،والمناقشة على الدور في غياب أية جهة رسمية تتولى مهمة الإشراف على تنظيم عملية الدخول لإجراء الفحص.
من جهة أخرى، أثار االانتباه قيام الدكتور ع.ل.، وهو أحد الطبيبين المناوبين برفض استقبال المرضى من المسنين والمسنات بمعية مرافقيهم الذين يمكنهم أن يتحدثوا مع الطبيب، ويفهموا توجيهاته. ولما استفسر عن هذا التصرف، صرح بأن القانون لا يسمح له باستقبال المرضى مع مرافقيهم سواء تعلق الأمر بزوج مع زوجته، أو مسن مع مرافق أصغر سنا.
وقد نتج عن تصرف هذا الطبيب أن العديد من المرضى كانوا يخرجون من قاعة الفحص، وهم لا يعرفون كيفية استعمال الدواء الموصوف لهم،ولا الكمية المحددة التي يجب أخذها. وهذا ما وقفنا عليه لدى خمس حالات من حجاج مسنين ومسنات. ولما أصررنا على مرافقة إحدى هذه الحالات ليوضح لها الطبيب كيفية استعمال الدواء لا حظنا أن هذا الطبيب كان يخفي شارته المهنية التي تبين عن صفته،ولم يمكننا معرفة اسمه إلا عن طريق الممرضة. ولولا إظهار صفتنا الصحفية، وإعلاننا بأننا سنكشف هذه التجاوزات لما وضح للمرأة المسنة التي رافقناها ، وكذلك الحالات الأربع الأخرى، كيفية استعمال الدواء.
ومما يوضح أن الأمر يبقى موكولا لضمير الفرد وأخلاقه أكثر مما يعود إلى التزام بالقوانين والضوابط المعمول بها أن الطبيب الثاني كان يصرح ، على عكس الآخر، أنه مجند في هذه الأرض المقدسة لخدمة الحجيج وضيوف الرحمن، وأن كل من كلف بمهمة عليه أن يقوم بالواجب المنوط به كما يجب في ظل الإمكانات المتوفرة.
إن ما يؤكد وضعية الارتباك والفوضى هذه أننا ألفينا في الفندق نفسه أحد الحجاج المغاربة المصاب بالفشل الكلوي،وهو مرض يحتاج لعناية خاصة لتصفية الدم مرتين الى ثلاث مرات في الأسبوع، وهو في وضعية صحية حرجة جدا، ومعاناة قاسية.
تجدر الإشارة إلى أن عدد المراكز الصحية للبعثة المغربية للحج بمكة المكرمةيبلغ سبعة مراكز، ثلاثة بالمسفلة، وواحد بجبل الكعبة جرول، وواحد بالغزة،وواحد بأجياد السد، وواحد بأجياد بلبلة. ومع ذلك ، سجلنا عدة استياءات وتنديدات من حجاج مغاربة يشتكون من تدني الخدمات الطبية، ومن غياب لبعض الأدوية، ومن نقص كبير لأدوية أخرى،الأمر الذي يجعل بعض هؤلاء الحجاج يلجؤون إلى الهيئات الصحية السعودية لمساعدتهم.