واركي- *حسن بن دحو
في بداية ستينيات القرن الماضي، شيد المقاوم الفقيه عمر السرغيني (ولد غزالة) مسجدا ومدرسة قرآنية، على أرضه، بجماعة واركي بإقليم قلعة السراغنة، من أجل تيسير أداء صلاة الجمعة وباقي الصلوات، لفائدة سكان دواوير هذه الجماعة والمسافرين الذين يعبرون الطريق الرئيسية الرابطة بين مدينتي مراكش وأزيلال، وكذا بهدف تمكين أبناء الأسر المجاورة من تعلم مبادئ اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وبعض المتون الشرعية.
والمقاوم الفقيه عمر السرغيني هو صهر المقاوم المعروف الفقيه البصري، المتزوج من ابنته سعاد، ويعتبر من خيرة رجالات قبائل السراغنة، وأحد رموز المقاومة ضد الاستعمار بمدينة الدار البيضاء، من خلال إحدى خلايا “المنظمة السرية” التي كانت تنشط بدرب البلدية في مجال العمل الفدائي لتحرير الوطن.
وقد بقي المسجد الذي بناه هذا المقاوم بجماعة واركي يؤدي دوره ووظيفته الدينية على أحسن وجه، منذ ما يزيد على أربعة عقود، إلى أن بدأ سقفه يتداعى للسقوط، بفعل السيول التي اجتاحته، فقام أحد المحسنين من أبناء المنطقة يمتلك معملا للرخام بالدار البيضاء بإعادة بنائه. إلى هنا، كل الأمور تسير على أحسن ما يرام، ولا يمكن للمرء إلا أن يثمن هذه المبادرة، ويشكر صاحبها على حسن وجميل صنيعه، لكن القشة التي قصمت ظهر البعير في هذا العمل الإحساني، والشيء الذي لم يستسغه ورثة وأقارب المقاوم عمر السرغيني، وكذا الرأي العام المحلي هو إقدام صاحب هذا العمل الإحساني بتسمية هذا المسجد باسم ابنه المتوفى، منذ مدة، بضواحي الدار البيضاء.
إن من شروط العمل الإحساني والخيري هو الكتمان والتستر، حتى يحصل الجزاء والثواب، أما أن يقوم المحسن بنسبة هذا العمل له أو لأحد أقاربه فذلك عمل يراد منه التباهي والتفاخر بين الناس.
وعليه، فإن أسرة وأقارب المقاوم عمر السرغيني، وكذا سكان المنطقة يطالبون بإلحاح السلطات، وكذا الساهرين على تدبير الشأن الديني بالإقليم بتصحيح هذه الوضع، في أقرب الآجال، وذلك من خلال الحفاظ على الاسم القديم لهذا المسجد، بحذف هذا الاسم النشاز الذي أطلق عليه، وصون ذاكرة المقاومة الوطنية ضد الاستعمار بالبادية المغربية.
*إعلامي- فاعل جمعوي